التصنيفات
غير مصنف

معنى. حب. عطاء.

-لمى المديهش
عضو لجنة المحتوى

لطالما كان الإنسان بطبعه متسائلًا، وبغض النظر عن مدى اختلاف النوع والدرجة، فإنه لم يتوقف منذ العصور القديمة عن التساؤل.. لكن إنسان اليوم، مع نمط الحياة الحديثة قد تضخّمت تساؤلاته وصارت هاجسًا، حتى أنها قد تحول بينه وبين محاولات الانشغال عنها، فهو إن نجى من التساؤلات الوجوديّة، تنهش قلبه العاطفية والتي لا تقل وطأة عنها. 
بينما أذكر إنسان اليوم ونمط الحياة المعاصرة -التي تزيد من تدفّق تساؤلاته- لا شك أن أحد أهمها وأكثرها إلحاحًا عليه هو: «ما المعنى؟»  من الحياة، مما يفعل، أو حتى من عيشه هذه اللحظة، في هذا المكان تحديدًا..

وعلى ذكر حياة اليوم أيضًا، فإن عاطفة هذا الإنسان غالبًا ما تكون موبوءة، غير متزنة، متذبذبة فهو إما عبد لعقله دافن في المنطق قلبه، أو فارغ مائل كل الميل إليه فساقط دونه.
فالأول أوصد قلبه بأقفال عدة، والآخر فتح بابه على مصراعَيْه، وكلا الطرفين أبعد ما يكون عن إجابة التساؤل السابق، والهاجس الأكبر في البحث والوصول إلى المعنى؛ لأنه لا حياة لقلب امرئٍ لا حبّ فيه، ولا ثبات لذات مَن مكّن الآخرين من قلبه، وتنازعوا فيه حتى سلبوه إياه.

لذا فإن السبيل السليم لتحقيق الاتزان العاطفي، هو بذل الحبّ من خلال العطاء. سواءً المعنويّ كالدعاء، أو الماديّ كالتطوع، وخلاصة حديثي هذا يتمثل في قوله تعالى (…ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) =أي حاجة شديدة. 
وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه، ما يحب لنفسه» 

أن تتطوع يعني أن تبذل شيئًا من وقتك وجهدك وروحك، أن تستثمر عاطفتك بذكاء، وأن تسخّرها لغيرك مما يعود عليك حتى بالاتّزان العاطفيّ كأقل منفعة. فالله أوجد فيك فطرة البحث، عن المعنى، عن الاستثمار فيه، وسخّر في الحياة مسارات تشبع احتياجك لهذا الوصول وهذه الإجابة.. وهو عندما منحك حياة القلب هذه ما جعلها لتكون سببًا في استنزافك ببذلها لكل أحد، إنما أودع في الحياة معها سبيلاً سليمًا صحيًا لتستخدمها فيه، يرضيك ويُرضي من خلالك، ولن تجد ما يحقق لك هذا، كالتطوّع في العطاء.

التصنيفات
غير مصنف

عطاءٌ بمردودٍ غير مُتوقع..

-فاطمة باحمدين
عضو لجنة المحتوى

نُعطي..
‎فيَنبُت شيءٌ..
‎يسُدّ الثقوب
‎يُواسي الخُطوب
‎يبسُط الفيء
‎بكلّ الدروب.

بينما ننظُر لانشغالنا بالحياة الشخصية وتحقيق الرّضا المعيشي، قد نتساءل لمَ علينا قضاء بعض الوقت في العطاء؟ ما مردود كلّ هذا الوقت الذي نخسره بلا طائل -حسب المفهوم المُتعارف عليه-.. ‏‎لمَ علينا أن نكون شجرة يأكل من ثمارها المارّة ويستظلّون بها، أو أن نكون أشبه بغيمة، أو أن نكون لُطفاء كرذاذ المطر؟
لكن، عند رؤية الأمر من عدسةٍ أقرب، فالمردود الأكبر والأوفر للمُعطي.. نحن لبعضنا دومًا رغم اختلاف الماء الذي عُجِن به طيننا، واختلاف المراحل الّتي نمرّ بها، نحنُ كُلنا طينٌ يتلاحم مع بعضه، ولا يعيش الواحد منّا لنفسه فقط!
‏‎أروي غيري لِيَلين، يُنبت ويُزهر.. أو يحدُث العكسُ فأُروَى بدوري أنا.

تجلس على كُرسيّك كُلّ يوم مُتأملًا مِن حولك العطاء مرسومٌ دومًا بأبهى صوره.. ‏‎
فهذا الصبحُ يؤوينا، وشمسُ الصبحِ تُضوينا، وأمامك الكهلُ مستندًا على عكّازته يُسرع إليه الفتيَة لمساعدته على الجلوس. وهُناك أحَد الآباء، يسعى جاهدًا لرسم البسمة على وجه ابنته.

وعند حلول الشهر المُبارك، لا ننسى جميعًا تلك المرأة الّتي تصنَع الحساء بحبٍّ يومًا بعد يوم، لِتُشاركه إفطارًا لصائمٍ تكاد لا تعرفه!

وذاكَ الشّاب يزور اليتامى متى استطاع ويمسح على رؤوسهم! وأحد الإعلاميين المعروفين يُغطّي بعدسة هاتفه الكثير مِن الحملات التطوّعية بلا مُقابل سوى الدّعاء، والكاتبة القديرة خلف السِّتار.. تكتُب القصص بلا كَلل وتجمع ريْعها لتسديد رسوم دراسة طفلٍ محتاج

ويتجلّى السّخاء بأحلى صورِهِ مع مناسك الحَج حين يُبادر المتطوّعون والمتطوّعات بمختلف أعمارهم لمساعدة ضيوف الرّحمن رغم طول المسافات وحرارة الأجواء.

كُل هذَا نحسبه بِلا مردود! ولا ندري أنّا بعطائنا كسبنا الحُبّ والإحسان والبسمة، رَبَّتَ العطاء على أكتافنا قَبل أن نُبادر بذلك، حين أشعلنا شُعاعًا نكاد لا نُبصر له انتهاءً..
‏‎والله يُجازي الحُسن بالإحسان؛ فأحسِنوا تُحسِنوا لأنفسكم

التصنيفات
غير مصنف

«محلوّة اليوم..»

-سعاد البرّاك
عضو لجنة المحتوى

قبل أيام خرجت من إحدى الغرف لأصادف العاملة، ابتسمت لها ملوّحة: 
– كيفك يا حلوة، طيبة؟
نظرت إلي ثم ألقت بكل ما تحمله بين يديها وضمّتني بقوة كضم الأم لطفلها المفقود!
أسرعت لتقبّل خدي وتهمس: 
– شكرا 
ثم غادرت.. هكذا كان المشهد متشكّلًا خلال ثوانٍ قليلة. 

ارتعبت من ردة الفعل، فـ (الضم القوي) و (شكرًا) لا تعتبر ردًّا معتادًا لسؤال «كيف حالك؟»  
أكملت سيري الذي لا أعرف لأين أخذني متأملة هذا الموقف، ما الذي جعلها متلهفة وممتنة بهذا الشكل؟ كيف يمكن للكلمة أن ترد إليك قلبك بتلك الطريقة؟
في حقيقة الأمر ردة فعلها جعلت يومي جميلًا جدًا.. جعلت قلبي طائرًا.. كما لو أن ملائكة رحمة تحيط به.. 
الفكرة التي ألحّت عليّ في تلك اللحظة هي أن لطف الكلام وحسن اختيار المفردة عِلم يُتعلم وفن يورثه الأب لابنه بالتربية، فلا يولد الطفل سيء الخلق فاحش اللسان.. 

«معليش أنا عفوية»
«تراني صريحة تحملي»
«ماعندي أنا.. أعطي بالوجه»  

لطالما كنت أتعجب ممن لا يقيم وزنًا ولا طائلًا لقلوب الآخرين.
نعم.. من المهم جدًا أن تكون ذاتك هي أولويتك. إلا أن عليك ألا تُردي الآخر طريحًا يلملم شتات نفسه من وقع كلمة كنت «عفويًا» بها، فـ «معليش» لا تنقذ الوضع يا صديقي!

دعنا نرتب الأمر معًا..
أولًا: تخلص من عفويتك!
إن كنت ممن يظن أن العفوية هي ما يخرج من فمك دون حسبان، فعفويتك يا عزيزي قنبلة ملوثة، فهناك فارق بين ما تتصنعه وما تفعله بشكل طبيعي، وما تقوله دون اكتراث! 
ثانيًا: المجاملة لا تعني الكذب مطلقًا
«محلوة اليوم» لا يعني أنها «قبيحة بالأمس!» كل ما في الأمر قد يكون قطعة لباس جديدة أو ابتسامة طغت عليها فأضافت إشراقًا لمحيّاها. 
ثالثًا: لا تستطيع..؟
لا تقلها.. لا تخرجها.. لا تقل «أسنانك يبغالها تقويم» «صوت عطاسك مضحك» و «طفلك مزعج». 
قد تكون الأولى غير قادرة
وقد تكون الثانية مدركةً لمشكلتها
وقد يكون الأخير فرط حركة.. 

وقد تكون لا شيء إلا أن آخر ما تود أن تسمعه هو تعليقك عليها!
بالمناسبة، كاتبة هذه التدوينة كانت تكره حاجبيها نظرًا لتعليق إحداهن «العفوي».

في الختام:
س: ما أقل الإيمان في لُطف الكلام؟
ج: أن لا تُسهر قلب أحدهم بكلمة، فإنما أقل الإحسان كلمة. 

فما بين القيل والقال ضع «صدقة».

التصنيفات
غير مصنف

هل أخرجت زكاة شبابك؟

– العنود العتيبي
عضو لجنة المحتوى

خلق الله هذه الأرض، وذرأ فيها بني آدم لعمارتها
وما عمَّر الأرضَ مثلُ الشباب..

«لنْ تَزُولَ قَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسْأَلَ عن أَرْبَعِ خِصالٍ عن عُمُرِهِ فيمَ أَفْناهُ؟ وعَنْ شَبابِه فيمَ أَبْلاهُ؟ وعَنْ َمالِهِ من أين اكْتَسَبَهُ وفيمَ أنْفَقَهُ ؟ وعَنْ علمِهِ ماذا عمِلَ فيهِ»
– حديث شريف

لعمرك شأن، ولشبابك -لعظمته- شأنٌ آخر! لأنك شابٌ مسلم!
أودع الله في صدرك عقيدة تهذب هذه الطاقة التي تخفق بين جنبيك، أرشدك خير الدروب، علمك سر الحياة، علمك حقيقتها ومآلها، ثم استخلفك فيها؛ فما أنت بهذه الأمانة فاعل؟
ارسم علامة استفهام:
ماذا سيحدث لو أنك لمست معنى نبضاتك؟ معنى أنفاسك؟ معنى دماك التي يسعها أن تُخلِّد في مقلة التاريخ نورك!

﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ
نحن بفتوَّةٍ هذبتها عقيدة النور نقفو أثر أسامةٍ، وخالد، وعليّ. أثر الخوازرميِّ، أثر ابن حيانٍ والرازي، (…….) ضع اسمك.

دعنا -أيها القارئ الكريم- نسافر بالبصيرة للاحق الأيام، حينما تخبو قواك وتخفت..
التفت حينها للوراء، تأمل..
أي دربٍ قد أضأتْ؟ 
كم سبيلًا قد سلكتْ؟
هل لنجمي المنشود -في صَخْب دنيانا- وصلتْ؟
ويا كسر القلب حين يكون الجواب: 
لا شيء..
لا تزال في الميدان!
لا ينسينَّك طول دهرٍ، أو حلو لهوٍ، أو عذب صحبٍ أين أنت!
من تجاربٍ عمرٍ مضى، كي تعرف أين تَبْرع: تطوع!
التطوع يتحسس البذور التي في فؤادك وعقلك، يرويها، فيزهر بداخلك الإدراك لذاتك!

تأمل معي روعة المشهد: يزاحم التطوع وقته، ربما قطع لأجله المسافات، يبذل زهرة عمره برضًا وحبّ، والمقابل: لا شيء!
لا شيء ظاهريًا، لكن اقترِب، تمعَّن أكثر، ستجده حاز معرفة ذاته، رأى بوضوح ملامح روحه!
والأهم، حاز جوابًا يرفعه في مقام العرض الأكبر.

خلاصة الأمر يا عَمَار دُنيانا:
الله يريدك أن تدرك معنى أن تكون شابًا
أن تشعر بمسؤولية الحياة التي منحك إياها.

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ﴾

التصنيفات
غير مصنف

ومضات برق

-نسيبة الموسى
عضو لجنة المحتوى

وأنتِ؟
مرآتي الكبرى
أأهجرها؟
كلا 
ولو ضاقت سويعاتي

ياوجهةً
من ضاع، يقصدها
ياجنتي
يا فسحة الأرواح

ياعالمًا ملأ الترويح
جنته
يافسحة العلم 
يا تفريج كرباتِ

في مؤسسة احتواء، للتطوع وجهاته، وللمبادرات سبل وأياد، وللتنمية والعطاء طرق ومنح.
لا يحصر الخير في بقعة واحدة، فلكل منزل من هذا العالم أرض صالحة لخير لا ينقطع، لقادة يُبنون، لجيل الغد الفتي واهب العطاء.
لنمنحكم فُرجة علوية لهذا العالم، نستبصر ثمارًا في طريقها للنضج!

ومضة برق في إحدى الأراضي:
تنتهي رحلة أسرية ويهم الجميع بالمغادرة تخرج الأم كيسًا، يلتقطه الأب ويلملم بقايا الرحلة، عيون الأطفال مسمّرة تحفظ الدرس.
ترحل الأسرة ويأتي الصباح
عاملٌ ما، يعبر المكان يبتهج قلبه، يرفع كفيه للسماء (يارب… )

في رحلة واحدة، ثمار و دروس!

ومضة برقٍ أخرى فوق أحد المنازل:
بعد كل وجبة تلملم الأم بقايا الطعام باسمة، يتقافز الأطفال للبذور، ينطلقون نحو الحديقة هاتفين: 
بذور اليوم حدائق الغد! 

وجبة واحدة! وخير لاينقطع!

توهج في السوق:
عجوزان يستندان لعكازيهما، ويسيران بثقل وبطء
طفلة صغيرة تتأمل الدمية وتتخيل قصصًا ماتعة.
دلف العجوز المحل واشترى الدمية، فقدت الطفلة متعتها وحزنت لضياع فرصة تأملها من بعيد.
نادى العجوز الطفلة ليمنحها العجوز الدمية
حضنتها الطفلة ومضت تقفز أمامهما في بهجة.

للغرباء، أخوة وعطاء، ورحمات تنهمر!

وميض فوق أحد الشواطئ:
قرب الشاطئ تتعثر طفلة وتجرح ساقها، تبكي وتحاول والدتها تهدئتها
يقترب طفل مع والديه، يمد لها حلواه المفضلة، يتوقف البكاء ويبتسمان معًا 
يخبر والديه: أصبح لدي أخت، صار لي صديقة!
يمضيان للأراجيح، يلعبان. 

امنح الآخر فرحة، تُعطَ لك أفراح!

مطر، مطر، برق مستمر:
في المدرسة يرتدي المعلم ساعتين!
يخبر التلاميذ: إحداهما معطوبة.
-ولماذا لاتتخلص منها؟
-تحمل رائحة أصدقائي، لارغبة لي بنسيانهم. 
يشد كل تلميذ كف صديقه (لن أفرط بك) 

في كل لحظة، في كل سكنة، فرصة لاتضاع لمزيد إخاء!

في هجعة الليل تومض نجمة:
افترقا، كلٌّ لوجهته مضى ولشأنه يقضي 
مرت سنون تلو السنون، لم يبصر أحدهما الآخر، لم يمسك كفه! لم تتعانق الأعين 
لكن أحبالهما ممتدة وبالسماء معلقة 
يرفع كفيه كل ليلة: رب أصلح شأنه، رب احفظ قلبه.

للاحتواء أيادٍ ممتدة، للأخوة اتصال لاينقطع! 

في عالم احتواء الرحب:
تمازج دون تمايز، ففي العطاء، لن يعلم أحد من منح الآخر!
لن تقول: أعطيته ما أحب! لأنك ستقول بعدها: أخذت منه فرحة غرستها في قلبي.
في احتواء لاتعطي لتأخذ بل تتقاسم وتتشارك.
في احتواء تغرس قيمة، لتضيء أفق مستقبلك.
في احتواء شارك الدفء من تحب ليبقى الوطن دافئًا.
في احتواء لا عيد يعبر وأحدنا حزين.

احتواء عالم من الوحدة، والإخاء.

التصنيفات
غير مصنف

أنا عندما أُصبح الآخر

-رغد الوهيد
عضو لجنة المحتوى

«التطوع هو الصورة الحية للتعاطف، يشكّلنا إحياؤه ويغيّرنا من جذورنا، يجعل منا أفرادًا أوسع إدراكًا، يقرّبنا من حقيقة تشابهنا ولو اختلفت تفاصيلنا، يُطلعنا على شكل الحياة من مكان فرد مختلف تمامًا عنا، ويؤثّر بشكل مباشر على تفكيرنا وكيف نتعايش ونعيش مع حقيقة احتياجنا إلى أن نتكامل وأن يشد بعضنا بعضًا»

تصغر بأعيننا تفاصيل كنا موقنين أنها ذات قيمة وتحمل معنى، يكسر الحواجز التي نبنيها لنقسم أنفسنا ونحدد انتماءاتنا، يكسرها جميعًا -التطوع- ليبني جدارًا واحدًا يسندنا جميعًا، يسند الإنسان. أنت في هذا المكان تخرج نفسك من شكل الحياة داخلك لتَطّلع عليها من منظور شخص مختلف، أنت هنا تلمس بشكل مباشر تنوّع الحياة، حقيقة أن الأرض مكان واسع جدًا وكل إنسان يحمل بداخله حياة خاصة، لكل إنسان شكل معاناة مختلف، وكل معاناة تحمل بداخلها قيمها الخاصة.

أعتقد أن معاناة الإنسان، -الجانب الذي نلمسه بشكل حقيقي في تجربتنا البشرية على هذه الأرض- هي أكثر الأشياء التي توقفنا -مجبرين لا مخيّرين- لنفكر بتجاربنا الخاصة وتجارب الآخرين، تجعلنا نفكر داخل أنفسنا بمبادئنا لماذا هي مبادؤنا؟ يجعلنا نتساءل بشكل أكبر وأكثر تفصيلًا عن معنى الصواب والخطأ الخاص بنا، عن كيف نتعامل مع هذه الحياة؟ وكيف شكّلتنا ظروفنا؟ 
التعاطف يجبرك أن تعيد تقويم هذه القيم الثابتة لما تعتقده صوابًا أو خطأ، يجبرك أن تشكل مبادئك لتكون أقرب لكيف هي الحياة بكامل تفاصيلها لك أنت في هذه اللحظة، تبدأ ترى نفسك أنها تتغيّر، أنها أصبحت أقل تعلقًا بكل ما يشكل منظورًا ضيقًا لما حولها، تلاحظ -حتى خارج هذا المكان- أنك أصبحت شخصًا مختلفًا، أصبحت في كل موقف من يومك تتعامل مع الإنسان، لا مع ظروفه ولا مع اختلافه، أصبحت هذه الانتماءات التي تفرّقنا أقل منطقية مما كانت عليه، أصبحت القناعة جزءًا أكبر منك، أصبحتَ فردًا أقل استهلاكًا لما حوله، تتبرّع بأكثر من ما تشتري، أقل تمسكًا بما تملك، حتى بتفاصيل صغيرة في حياتك ترى هذا المكان يغير من عاداتك، ترى أنك تتشكّل به وتتقرب منه أكثر، هذا المكان غيَّر أفكارك، ووجدت نفسك تتصرف تبعًا لهذه الأفكار بلا أي جهد أو مقاومة، كأنك رأيت جانبًا من الحياة لم تلمسه من قبل، لم تعايشه!

يشبه المشهد أن تقرأ الحياة بكلمات مختلفة عنك، بكلمات أعمق وأكبر وأوسع لمعنى الحياة الذي تعرفه. تقرأ كلمات عن هموم مختلفة.. عن معاناة لا تتشابه معك أبدًا، لكن تقرّبك لإنسان آخر، تقرّب لك يقينك أنك منه وهو منك، مهما اختلفت التفاصيل بينكما، يقرّبك من حقيقة أنك هنا لتتكامل معه ليعطيك أكثر مما يأخذ، ليقدّم كل فرد منكما ما لا يمكن وجوده بأي مكان آخر إلا هنا.

التصنيفات
غير مصنف

جُملةٌ أصبحت مصباحًا سحريًّا..

-لمى المسند

عضو لجنة المحتوى

« لا تخبىء ضوءًا.. فلربما كان هو السبيل لجمالٍ ينبثق من قلبك وعقلك.. »

لطالما كانت المخاوف تسيطر علينا فتكون حائلاً حقيقيًّا للإنسان أثناء مضيّه وسعيه قدمًا، ولطالما كانت مخاوفي تؤرقني خاصةً في الكتابة! 
لا أستطيع وصف الكمّ الهائل من التوتر الذي يجتاحني عندما يطلب شخص مني رؤية نص مكتوب من قِبَلي، غالبًا ما أحتفظ بنصوصي التي أكتبها فأبعدها عن الأنظار خوفًا من أن يطَّلع عليها أحد! كان هاجسًا حقيقيًا بالنسبة لي، كنت أؤمن أن الكتابة ليست ميداني، وليس لي كيان حقيقيٌ فيها.

في يومٍ لا أتذكر تفاصيله جيدًا جاءتني رسالة غريبة في مطلعها «لمى رُشحتِ لتكوني جزءًا من لجنة إدارة المحتوى في مؤسسة احتواء..» منذ قراءتي لتلك الرسالة أصبت بالذهول! حرفيًا لا أعلم كيف جاءتني تلك الفرصة! أن أكون جزءًا من إدارة محتوى في مؤسسة تطوعية ضخمة هذا بحد ذاته أمر أصابني بنوبة خوف أكبر!
صُعقت عندما طُلِب مني نموذج لكتابتي! في ذلك الحين لم يكن بيدي إلا استشارة والديّ وصديقة لي؛ إما أن يرشدونني للإقدام والموافقة أو أنني سأُحجِم وأرفض الالتحاق بهم، بعد المشورة جاءني رد صديقتي: «لمى فرصة بين يديك لا تضيعينها واجهي مخاوفك واستعيني بالله»  ولعل كلماتها كانت سراجًا وضّاء أنار بصيرتي، فكانت بدايةً لنور سطع بداخلي..
استكملتُ كل المهام المطلوبة مني قبل قبولي في اللجنة ولا أُخفيكم أنني في ذلك الوقت لم أتجرد تمامًا من خوفي ورهبتي ولكني أستطيع القول أنني تغلبت على جزء منه، تم قبولي وشعرت بأني كطفل يخطو أولى خطواته في دنياه، لم أكن متزنة بالفعل، بدأت التجربة الحقيقية بدأت في مواجهة مخافتي..
استلمت كتابة أول مهمة لي، لا أستطيع نسيان شعوري عندما أنهيتها ثم نُشرت بعد ذلك في حسابات التواصل الاجتماعي للمؤسسة، رهبةٌ وخوف تخالطهما السعادة والفخر كوني تغلبت على ما كنت أخاف وأنأى. 

في مثل هذا الشهر للسنة الماضية تم إرسال الرسالة، واليوم قد أكملت سنتي الأولى في كتابة المحتوى، نُشرت لي العديد من النصوص والكلمات خلال هذه المدة..
في هذه المرحلة أدركتُ أن الإنسان هو من يتحكم بمخاوفه وهو من يجعلها حاجزًا مانعًا، كلمةٌ واحدة قيلت لي على عجالة أستطيع القول أنها غيرت فيَّ الكثير.

قد تُعلّمنا الحياة دروسًا من خلال الفرص التي يسوقها لنا ربنا -جل وعلا- من العدم، فإن لم نخضها قد نسجن في زنزانة لا فلات منها، وإن لم نتخذ لنا خط بداية لطريقٍ لا نهاية له قد يكون مصيرنا كأننا على شفا جُرُف هارٍ.. إما أن نمضي قدمًا وإلا سينهار بنا. 

في النهاية.. أكتب لكم تدويتني هذه بعد أن هلك عقلي من التفكير واستنزفت كل طاقتي في استجماع حصيلتي اللغوية.. أستطيع القول الآن أنني تجردت من جلّ رهبتي منذ هذه اللحظة.. بمجرد نشري لهذه التدوينة وقراءتك لها.

.

التصنيفات
غير مصنف

قصة تنقّل قطعة

-مياسة المحيا
-العنود العتيبي
-فاطمة باحمدين

أعضاء لجنة المحتوى

نعم.. أنا جماد!
لكني بكيت فرحًا في نهاية هذه الرحلة الصادقة!
رحلةٌ غُمرتُ فيها بعالمٍ من المشاعر حين كنتُ لآلاف القلوبِ كساءَ فرح!
تعالوا معي ننصتُ إلى قصة كسوة الفرحِ تلك.

استيقظتُ نهار اليوم ووجدتُني في صندوق متجهٍ إلى وجهةٍ أجهلها، لكن.. أشعر أنّ قلبي مطمئنٌ لها لا أعلم لمَاذا؟!
ها قد وصلنا..
أسمعُهم يقولون عني بأني كسوة فرح، وقد كنتُ حبًا وبسمةً على ثغرِ طفلة في الثانية عشرة من طفولتها الوردية.. 
صديقي هنا لعبة طفل، وأبي ثوبٌ أبيضٌ ناصع بالقرب مني.. نسمو بـخطواتنا كخطواتِ ملكٍ بأحذية العطاء. 

هنا ولدنا من جديد، أشرقنا من جديد، غنت قلوبنا وأزهرت بأناشيد مبهرة تنتشي لها الروح؛ لأننا بكل فخر منبع السعادةِ في حملة (كسوة فرح) لمؤسسة الخير والعطاء احتواء.
تنقّلتُ هنا بين أيادٍ حانيةٍ احتوتني واعتنت بي حتى نضجت جمالًا، بعد أن كنتُ فراشةً في شرنقة والآن أحلق! 
تلك الأيادي أيادٍ من جنة، أيادي متطوعات احتواء التي أتمنى لها كل فرحٍ وبهجةٍ في هذا الكون!
استقبلوا أجملَ العطايا ونثروا عليها عطاءهم بإحسانٍ صادق؛ فقد قاموا بجمعنا، وفرزنا وتطهيرنا حتى نكون في أبهى حلةٍ وبأتم استعداد لأيام الفرح..
أسمع أصواتًا هنا وهناك تقول بأننا سنُنقل إلى مكانٍ آخر، مكان كبير وأخّاذ سأرى به الكثير من الأصدقاء.. متلهفةٌ له جدًا ولا أستطيع الصبر أكثر .. هيا متى نذهب؟

 ها قد جاءت اللحظة المنتظرة: فتْحُ ستار المعرض..
المعرض الذي سأقابل فيه أميرتي الصغيرة التي تراني أثمن أشيائها وأعذبها!
المكان مكتظٌّ بالابتسامات، أطفال يركضون هنا وهناك يحتضنون ما أعجبهم بكل حب، وفي زاويةٍ أخرى أرى أمًا تبحث عن حقيبة مناسبة تكمل بها حلتها، وفتىً يغادر ركن الثياب حاملًا بين يديه ثوبَ عيده..
العيد.. ذاك اليوم الذي أنتظره بلهفة وشوق!
يوم أن أرى طفلتي الموعودة ترتديني لـتضحك فرحًا وترقص بطفولتها المزهرة..!
حملتني أميرتي ومضت بنشوةٍ خارجةً من المعرض.. التفتّ خلفي ورأيت الأنوار تُطفأ، والستار يُغلق معلنًا انتهاء كسوة فرح بنجاحٍ في عامها الثامن.. لحظاتٌ فريدة لا تسألوا عن المشاعر حينها!

كنا كسوة فرح لهم فعلًا ولكن.. هم كُل أفراحنا!

التصنيفات
غير مصنف

طِبُّ الجماعة

-رغد البلّاع

عضو لجنة المحتوى

فيما يغرق العالم بفرديته معززًا و داعيًا لفكرة أن الإنسان (واحد) لا (جماعة) ملوثًا لمفهوم (الترابط الاجتماعي) نقف نحن شباب المجتمع المسلم -ما استطعنا- كمثال أعظم على اختلال موازين العالم بفردانيته، و مثالية الأخوة والكيان المجتمعي المترابط. 

من شرفات العمر واللحظات الأهم، بين الأساسيات والثانويات.. اجتماعات العائلة، دعوات الأصدقاء، الأعمال المتراكمة وأحيانًا «الهدف»! ما الذي يدفعنا لنختار؟
أن يكون «هذا المكان» بالذات هو الوجهة من بين كل الخيارات، وأن الساعات حين تمضي، نود أن تكون متلحفة به أولًا، وثانيًا وثالثًا ورابعًا إلى ما لا نهاية.. وإن تَجَاوَزنا معايير الوقت المسموح وفقًا لظروفنا الخاصة، وإن قفزنا على الحدود قليلًا، وإن سابقنا الأيام قبل أن تسبقنا هي وتنتهي.. وإن خذلتنا الأجساد بعضلات مرتجفة وآلام ظهر لا منتهية..
لنرى من سيصل ويبلغ أولًا؟ من «نحت الأولوية» إلى تجديد الإخلاص حتى التخفف من رفاهية العيش إلى اللحظة التي تسأل فيها نفسك.. «هل الغاية من عيش الإنسان داخل جماعات شيء غير هذا؟» أن يكون ضِمادًا لجراح غيره ونورًا لحلكة طريقه وماءً زلالًا لظمأ ظروفه.. أن يمد يده بحنو ليرفعه مما هو عليه إلى مما يحب أن يكون عليه، إلى ما يجب أن يكون عليه لولا قساوة الظروف وصعوبة الأيام.. إلى شيء من راحة البال والسعة، أن يتخفف من الضيق قليلًا وأن لا يعيش «فردًا» متجاهلًا معاناة الآخرين رافعًا بيديه المجتمع والعالم من أسفله لأعلاه كل مرة أكثر.

«إن العالم لا يمكن أن يصل إلى السعادة إلا على قنطرة من جهاد ومتاعب يقدمها الشباب المسلم.»
– أبو الحسن الندوي

التصنيفات
غير مصنف

خليّة احتواء

-نوف الحميِّد

عضو لجنة المحتوى

﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾ ﴿ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

بيَّن القرآن الكريم سيرة النحل في كلمات معدودات، فقد اتخذ النحل بوحي من الله تعالى بيوتًا من الجبال ثم انحدر منها إلى الأشجار، ثم إلى الخلايا التي يصنعها على نحو ما نعرفه اليوم.
وتدل الدراسات العلمية المستفيضة لمملكة النحل أن إلهام الله تعالى لها ليجعلها تطير بحثًا عن الغذاء، فتبتعد عن خليتها آلاف الأمتار، ثم ترجع إليها ثانية دون أن تخطئها بالذهاب إلى خلية ثانية غيرها، علمًا بأن الخلايا في المناحل تكون متشابهة ومرصوصٌ بعضها إلى جوار بعض، وذلك لأن الله تعالى قد ذلل لها الطريق ومنحها من قدرات التكيف الوظيفي والسلوكي ما يعينها على الاستبصار في رحلات استكشاف الغذاء وجنيه ثم العودة. وأما خلية احتواء، فأحببت أن أُسمّي تدوينتي بهذا الاسم؛ بناءً على ما أراه فيها من العمل والجهد الذي يُشبه خلية النحل تمامًا..!

وكأن البشر نحلٌ أثناء العملِ..
جهدٌ وبذلٌ بلا مللٍ أو كللِ..

تخيلوا معي إحدى حملاتنا والحدث:
هنا نوف أُحدثكم من حملة #آلاء، حيث العطاء والإحسانُ والنماء، أرواحٌ تُعطي ولا تنتظر مقابلًا، تبدأ المتطوعات بنقل العطايا المتراكمة من الباب إلى ساحة الفرز فتتجمع التبرّعات وتصبح كالجبال العظيمة 🌄
وفي غمضة عين، وبتعاونٍ وحبٍّ وإحسان، تختفي الجبال بعد أن تُفرز وتذهب كل قطعةٍ إلى خليتها (ركنها) المُناسبة لها فتتسابق النحلات في الخلية إلى الفرز والتصنيف بنِظامٍ وانتظام..

تمامًا مثل حملة #كسوة_فرح، فبعد أن تنتهي النحلات من التصنيف في الخلية، تبدأُ بتنقية القطع وإعدادها (بالتنظيف والتعقيم) ثم يُنقلُ الرحيق (التبرّعات من ملابسٍ وغيرها) إلى مكانه السليم ليُنتج العسل. 🐝💛

حتى تأتي الأسر إلى ذلك المكان البهيج فتبدأ باختيار العسل بأنواعه، كلٌّ بما يُناسبه وذلك بمساعدة نفس النحلات التي رتبت ونظّمت 🌟

وقبلها وأثناءها وبعدها مراحل وعطاء وجهدٌ عظييم جدًّا، ولا يسعنا في هذا المقام إلّا أن نُجمل في الكلام..

فمن التخطيط بدأت احتواءٌ رحلتها..

لجانٌ تتلوها اللجان، في هرمٍ منتظم لا يتزعزع لأنه بفضل الله وحده بُني على أساسٍ قويٍّ قويم، قال تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.

فمن مهمة الإدارة العامة يبدأ الهرم وإلى لجان التنفيذ ينتهي ليظهر فيُزهر بإحسانه المُعتاد.

وبالطبع اللجانُ الظاهرة لن تُنجز دون اللجان الخفية (خلف الكواليس) كلجنة التسويق التي تُفكّر فتخطط ثم تصيغها لجنة المحتوى لتخرج متألقةً بتصاميم لجنة التصميم رسمًا وفنًّا 😍🌟

لكن وإن لم يعلم أحدٌ عن هذا الجهد الخفيِّ، (يكفينا أنَّ الله وحدهُ يعلم). 💜

التصنيفات
غير مصنف

الكتابة.. كحرفة أصيلة

-حصة السعيدان

عضو لجنة المحتوى

.

لي في عالم التطوع ما يقارب الخمسة أعوام، وقد كنت ضليعة بخصوص هذا المفهوم، ولكنني كنت أحبه وأنا لا أعرفه حتى! كنت أتخيله على أنه عالم صناعة وجبات غذائية وترتيبها وتوزيعها، بهذا الإجمال والجمال والبساطة..

لم أكن أتخيل أنني سأكتب يومًا طوعًا وحبًا وتطوعًا! نعم لدي ميول في هذا الجانب الأدبي وتغالبني الحيرة كما تغالب الجميع في دروب المواهب والميول، بداية من اكتشافها إلى صناعتها وتطويرها والارتقاء بها، ولكن كنت أكتب مع نفسي إلى أن جاءتني فرصة ذهبية، وهي أن أنضم للجنة إدارة المحتوى في المؤسسة. ومع أني أفهم كم أن الكتابة عملية صعبة لم أكن أتخيل أن لها هذه التخصصات والأنواع والاستخدامات والأثر!
لم تواجهني صعوبة في رصد الكلمات وسردها بقدر ما كانت تواجهني صعوبة استيفاء معاني العطاء الخلابة التي أشاهدها في الميدان مثلا، أو في المهام المستمرة المؤداة عن بعد كوسيلة، لكنها عن قرب كاهتمام ودراية، كانت المهمة الصعبة في أن تكون جزءًا من صناعة هذه الخيرات وكيف تؤديها بمسؤولية معهودة وبسخاء وارف.. كانت الفكرة أن يكون الحرف الواحد صدقة ونماء، والكتابة في أصلها حرفة أصيلة فكيف لو كانت في سبيل طيب ووفير؟

قد يتبادر إلى أذهانكم الآن كيف هي آليتنا في العمل، ولماذا صار هناك (لجنة) متكاملة للمحتوى الكتابي؟
نحن في البداية نتفق على أن المحتوى المقروء جزء لا يستهان به في عملية التنظيم والترتيب والتواصل والإخراج للأعمال. إذ أن الظهور التفاعلي في منصات التواصل الاجتماعي أو مع الجهات للتنسيق والتنظيم وحده لا يكفي.
كما نتفق على أن الكتابة ليست مجرد صف للكلمات بلا بعد نظر وبلا صناعة، إنها عملية متكاملة من الدراسة والتحليل والتفكير والموازنة، والإبداع!
إن الكتابة جزء لا يتجزأ من عملية سير الحملة الخيرية، وأي عمل خارج ذلك في الأصل، ولكن كيف يحدث هذا؟

طريقة التواصل المباشر بالكلام لا غبار على فائدتها، ولكننا نحتاج للنسخة (الرسمية) لهذه الاتفاقات الطائرة في الهواء وعلى هذا نعتمد في تأدية الاتفاقات ما بين المؤسسة والجهات على (خطابات) منظمة ترسل بصيغة رسمية وبقالب موحد.
ثم تأتي أعمال الحملة ذاتها، في التسويق لها، وفي النقل والتغطية وكل هذا يتم بإعداد خط زمني محكم للنشر بالتواريخ والأيام ونوع النصوص ونوع محتواها المرئي المصاحب. إضافة لنصوص إعداد هذه المحتويات المرئية سواء كانت نصًّا أو تصميمًا، أو نص سيناريو أو نص حوار مثلا أو شارة، وتوزيع مهام هذه الخطة من قبل قائدة اللجنة ونائبتها على الأعضاء وما يتبع ذلك من متابعة وتحسين وتطوير لهذه العملية ككل.
كما أن هناك مهام متزامنة مع الحملات القائمة للمؤسسة، هناك مهامًّا ثابتة لكل عضو كالتدقيق وكتابة التقارير النهائية للحملات أو الخطابات أو الخطط أو الترجمة أو المدونة هذه.

إن كلماتي السابقة ليست لإبداء أهمية الكتابة أو التعريض على فضلها علينا عامة وعليّ خصوصًا مع احتواء، إنني إذ أكتب هنا أكتب لأن التطوع مجد عظيم، وهذا المجد تقود طريقه بأي شيء تملكه، وهذه ليست بفكرة جديدة، الجديد هنا: لفت نظرك لوجوب الانتباه لمكامن الرزق في روحك ووهب جزء منها لهذا العالم الرحب.

التصنيفات
غير مصنف

بين يديك منجَمُ ذهَبْ!

-سارة المقرم

عضو لجنة المحتوى

أجل.. بين يديكَ أنت -قارئي العزيز- منجمٌ نفيسٌ لا يقدَّر بثمن.. هل تعلمُ ذلك؟
كنوزُه ستجعلُ حياتَك جنّةً خضراء، وتفتحُ لك معابرًا إلى الرّضا والحُبور..
ستأخذُك إلى عالمٍ لؤلؤيٍّ يأسرُك بنقائه، وربّما تتساءلُ حينها: «أين كنتُ عنه من قبل»؟!

حسنًا.. لن أطيلَ عليك في محوِ تلك الضبابيّة عن ذهنك، وكشفِ السّتار عن إجابةِ تساؤلاتك.. ولتتابعْ قراءة أسطري ستجدُ ضالّتك!

أترى هذه الشّاشةَ التي تقرؤني من خلالها، ونقضي جميعًا جُلّ يومنا مُحدِّقين إليها؟! 
ماذا لو قلتُ لك أنها هي المنجمُ الذي أعنيه؟!
وأنّها معبرٌ إلى كثيرٍ من الفُرص التي تُكسِب حياتك معنىً وقيمةً؟! وقتنا الذي نقضيه مع أجهزتنا نكاد نتّفق أنه يذهب سُدىً إن لم يكن في مهامٍ تتطلبها وظائفنا أو دراستنا، فضلًا عمن يعاني فراغًا شاسعًا في يومه، ولا يدركُ أنه قاب قوسينِ أو أدنى من إنجازاتٍ تزهرُ حياته إن أحسن استغلالَ جهازه..!

ولذا سأتحدّثُ هنا عن أفخمِ منجَمٍ من مناجمِ هذه التقنيَة، ذاك هو (منجم التطوّع) ياعزيزي!
لك عبرَ شاشتك طريقٌ موصلٌ إلى عالم التطوّع.. العالمُ الذي إن دخلته طوّقك بجماله فلا تملك للخروجِ منه سبيلًا.. بل لا تفكّر أصلًا في البحث عن مخرجٍ منه لعذوبته!
ولأنّي رأيتُ بهجة كنوزِه في «احتواء» تهفو نفسي إلى الحديثِ عنها؛ علّي أحرّك شيئًا في نفسِ أحدهم، فيتوقُ لتجرِبة تلك اللذّة!
سأخبرُك من واقعٍ معاصَر: كونُك تتطوّعُ «إلكترونيًا» لا يقلّ ذلك قيمةً أو متعةً عمّا لو كنت في ميادين التطوّع تعيش دآبةَ العملِ فيها، وربّما تقدّم أكثر ممّا يقدمه المتطوّعون في ميادينهم! 
نعم.. ستكون في منزلك، لكنّك ستبلغُ الآفاقَ بقدراتك ومواهبك حين تسخّرها لنفعِ الآخرين، حين تدركُ أنّ في المجتمعِ ثغرًا لن يسدَّه إلّاك، وأنّ هناك جزءًا يحتاجك أنت وما تملك، حين تحتسب عملك وما بذلتَ لربّك لا تريدُ من سواهُ جزاءً ولا شكورًا..
لك أن تتخيّل مثلًا إن كنت متطوّعًا بقلمك وكتبت داعيًا إلى البذلِ لمحتاج، ثمّ تصدّقَ أحدهم متأثرًا بما كتبت، وأعطى لأنّ حرفَك استنهض همّته.. كم من الحسناتِ ستُكتب لك؟!.. يا لفخامة ذاك الأثر!
وعليه قِس في أي خبرةٍ أو موهبةٍ، ولأيّ فكرة تبديها أو رأيٍ تسديه، أو وقتٍ تمضيه.. كلّ ذاك رفعةً لميزانِك لن يذهبَ هباءً منثورًا.

ليس هذا كلّ ما في الأمر!
ستعرفُ أيضًا في هذا العالَم كيف تتآلفُ الأرواح دون لقاء!
كيف تعملُ مع أناسٍ لم ترهم يومًا، وتلتقي بهم خلف الشّاشة لسنواتٍ دون أن تعرفَ هيئةَ أحدٍ منهم!
بل يحدُث أن تكنّ لهم من مشاعرِ الوُدّ مثلما تكنّ لعلاقاتك الواقعيّة أو ربّما أكثر!
سترى كيف يلتقي أولو الهممِ مع تفاوتِ أعمارهم ومستوياتهم، واختلافِ أساليبهم.. كيف يُهمَل ذاك الاختلاف حين يلتقون لهدفٍ واحدٍ مسخرين طاقاتهم وما ملكوا لأجله!
ستعيشُ هناك حياةً جميلة.. تكاد تجزم أنها جنّة الدّنيا ومستراح الرّوح، وألا حياةَ سواها بهذا الجمال!
ستدركُ حينها أن تلك المعاني تعدلُ في قيمتها مناجمَ الذهب وثراءَ الأثرياء، المهمُّ أن تُحسِن اختيار مفتاحها عبر جهازك هذا، وتبني من وقتك أثرًا نافعًا يسمو بذكرك بين الخلائق، أو أنّه سيهوي بك إن أسأت استخدامه وينأى بك عن تلك العوالمِ الزاهية..
واختر لنفسك: هل تجعل من ساعاتِ فراغك سلّمًا لآفاق السّعادة، أو سورًا يسوّرك بالحسرةِ والنّدم؟

ختامًا: أنت من يجعلُ من جهازك منجَمَ ذهبٍ يغنيك، أو حُفرةً تلتهمُ أثمن ماتملك: عمرُك ووقتك، فكُن فطنًا..!

التصنيفات
غير مصنف

عن مدرسة تُدعى «تطوّع»

-فاطمة البوق

عضو لجنة المحتوى

حين نكتب عن التطوع فنحن نكتب عن حقل متجدد، عن مدرسة لا يغادرها طُلابها، تعطيك الأكثر كلّما وهبتها من كثيرك. كل تجربة تطوع تعلمك درسا، أو توثق فيك معنى نبيلا، وتبصّرك بوجوه الحياة كما لم تبصرها/ لم تعرفها من قبل، وتعينك على التفاني بالعطاء والإحسان.

كل عمل له نظامه الخاص، وأسلوبه المعتمد، ولفريقه السمة التي يُعرف بها.. والتطوع يهبك المرونة اللازمة للتكيف مع كل عمل، والانتقال من عمل إلى آخر، دون أن تتأثر الجودة، والكفاءة، ودون أن تشذّ عن أداء الفريق.

في التطوع.. ستنتقل من دور إلى دور، وتواجه فئات مختلفة، فتارة أنت قائد الفريق، وأخرى أنت الفرد داخل الجماعة، مرة تكون بين الشباب، وأخرى بين الكهول.
وبانتقالاتك، وأدوارك المختلفة سيكشف لك منطقة تجهلها في نفسك، منطقة تستحق الاستثمار أو العناية والإصلاح.
ستكتسب مع الأيام القدرة على تجاوز الذات -وماتراه مناسبا وماتعتنقه من أفكار وآراء- وتُطوّعها لمصلحة الفريق.
ولأنّ التطوع مبنيّ في أكثر حالاته -التي عرفتها- على وجود الجماعة، لا على العمل الفردي؛ فستعرف من خلاله الطرق الأمثل للتعامل مع الآخرين، ومراعاة الفروق بينهم، وستكتسب المهارات الاجتماعية اللازمة لحلّ كل مُشكِل تواجهه داخل الفريق، أو خارجه.
وأنت في كلّ هذا ستُفعّل الكثير من القيم العظيمة التي يُطالَب بها المسلم وتَحْسُن بها أخلاقه.

.

إنّ العمل التطوعي بحاجة إلى جهود مكثفة، واحترافية عالية، وإتقان، وتفهم للمجتمع واحتياجاته، وفقه بالواقع والأساليب الملائمة له، ومعرفة بالمهارات اللازمة للإدارة والقيادة، والتسويق، والعلاقات الواسعة الطيبة، والنباهة، واستقطاب أهل المواهب، ومخاطبة العقول والقلوب بالخطاب الذي تعيه، في الوقت الأنسب..
والكثير من المهارات التي لا يُستغنى عنها داخل أي منظومة ربحية.
فالأهداف الكبيرة بحاجة إلى عقول واعية، وأياد خادمة لا تكلّ، ومواهب تُسخّر لخدمتها، وتنّوع أفكار، وتخصصات، وابتكار متجدد للوسائل..
والتطوع لا يقوم على فضل الأوقات والأفكار، بل الأَولى أن يُخصَّص له الوقت، ويُقبَل عليه بكامل الإرادة والهمة العالية.
إن جرّبت التطوع داخل مؤسسة خصبة تضم هذا، فستدرك أنّ العمل التطوعي الثري يستخلص أفضل ما فيك، ويعينك على تربية نفسك وتزكيتها باستمرار. ثم يوجّه عقلك وعواطفك وطاقاتك داخل عمل جماعيّ، يعود عليك وعلى المجتمع بالنفع-بإذن الله-.

مع هذا قد يتوهم البعيد عن الميدان أنّ التطوع تجربة خالية من الصعاب والعثرات والأدواء!
في كل خطواتك لن تسلم من التهم تطعن في نواياك، وتسيء بك الظنّ، ولن تسلم ممن يُشخصن كل اختلاف معه ويحوله إلى خلاف. ولن تسلم من عداء كثير من المجموعات الخارجية، والأفراد، ومن العثرات التي تنصب في دروبك…
وفي كل عمل ستمتحن نفسك؛ لتبصر بها عيوبك وآفاتك التي لا يعلم بها أحد سواك.
تواجهها بالأسئلة، أو تحاصرها.. تصدقها الإجابة؛ ليستقيم حالك وحال عملك.
تفتّش فيك عن بواعثك، تستقرئ نواياك، وتشذّب رغباتك، وتنظر إلى غاياتك من كل خطوة تخطوها باسم التطوع.
تجدد نواياك، وتسأل الله أن يهبك الإخلاص في القول والعمل، ويزكّيك. إنّه على كل شيء قدير!

التصنيفات
غير مصنف

لديّ حلم.. لديّ بصيرة

-شذى الأنصاري

عضو لجنة المحتوى

إن كان (توفيق زياد) يعطي نصف عمره لمن يجعل طفلًا باكيًا يضحك، فأنا أعطي نصف وقتي لمن يجعل طفلًا متسائلًا يرضى.
وأقضي النصف الآخر من وقتي في الحديث عن (برنامج بصيرة) مستفتحةً حديثي بقوله تعالى:
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر: 9]
لا يستوون! كانت هذه إجابة احتواء، وكان برنامج بصيرة التعقيب الفعلي على هذه الآية.

أستطيع أن أسمع سؤالًا مُلحًا بعد قراءتك للسطور السابقة: ما هو برنامج بصيرة؟
ظاهريًا يمهد برنامج بصيرة طريق العلم أمام من واجهوا عقبات كادت أن تصرفهم عن سبل التعلم، أما جوهر البرنامج فهو ما أحاول أن أظهره بصقل حروفي في السّرد التالي..

لو جلست في مدرج ذاكرتي وتأملت الجو العام لبصيرة سأحب أن أتخيلها كعملة ذهبية في جيب الأيام، خُط على الوجه الأول منها كلمة (تعلم) ورُسم على الوجه الآخر صورة (شجرة) ترمز إلى النماء.

الوجه الأول: تعلم

تستطيع أن تُشغل عقلك بلغزٍ محير خلال مسيرتك في أروقة بصيرة، ذلك اللغز يتجسّد في سؤال: من يتعلم بالضبط؟
بنظرة سريعة على الفصول ستكون إجابتك: الأطفال طبعًا! لكن (طبعًا) هذه ستكون (ممكن) متشككة عندما تُلقي نظرة على المتطوعات في البيئة. ستلاحظ بأن كل متطوعة تتعلم في ميدانين متقابلين: ميدان الأطفال وتجربتها التدريسية، وميدان المتطوعات وخبراتهم الغنية.
وعندما تُنصت في مجالس الأمهات سينشغل سمعك بقول إحدى الأمهات:
«انتم تعلمونها وهي تعلمني، وتعلم أخوها» حينها سيستسلم عقلك ويقرر بأن نتائج التعلم هنا غير قابلة للحصر.
أليس هذا ما قصدوه عندما قالوا: إذا علمت بنتًا فقد علمت أمة؟

الوجه الثاني: شجرة

من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علما)

كان هذا الدعاء حاضرًا أثناء تعلمي وتعليمي. فتساءلت عن المعنى الحقيقي لـ (العلم النافع)؟
ساعدتني بصيرة في الإجابة -جزئيًا- على هذا السؤال، وكانت الإجابة الجزئية: أن العلم النافع هو ما أستطيع أن ألمس أثره في حياتي، وهو ما يساعدني على اكتشاف دوري -المخلص- في النهضة بنفسي وأسرتي ومجتمعي…

هذا العلم النافع هو ما أرنو إليه عندما أفكر بنمط التعليم في بصيرة؛ ففي أروقتها وفصولها يأخذ التعليم منحنى آخر بالإضافة لمنحناه الأكاديمي، وكأن البيئة تغرس بمن يلتحق بها بذور نماء تُورق في بصيرة أولًا، لتُثمر بعدها في بيئة الأطفال والمتطوعات..
فتكون النتيجة: أفرادًا يؤمنون بدورهم النمائي في المجتمع، ويمدّون جذور تغييرهم في الأرض، كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.

أخيرًا:

لدي حلم.. أن يحصل كل طفلٍ على حقه في التعليم.
لدي بصيرة.. المساهِمة في تحقيق جزء من حلمي.

التصنيفات
غير مصنف

ماذا لو كان حذاء سندريلا في احتواء؟

-شذى آل صقيه

عضو لجنة المحتوى

(وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينْ)


لأن احتواء قصصٌ وحكايا لا تَنفد!
وبجُعبة كلٍّ مِنا أسرارٌ ورواياتٌ مُختلفة، قلمي يبدأُ في المسير دون توقفٍ هُنا!
عن الإحسان في تلك القصص والحكايا التي أغوص في عُمقها مجدّدةً لقلبي حبّ تفاصيلها كتجدّد شروق الشمس التي ترقبني من النافذة وأنا أكتب الآن..
فهل تشاركنا -عزيزي القارئ- أنا والشمس تذوّق حلاوة ما خطّه القلم؟
من ذكرى لإيثار متطوعة، وأمانة عمل، وطيب تربية..
دعنا نبدأ مع تلك الصورة التي لا تغيب، عن دقّة الإيثار سنتحدّث، عن صدق الشعور:
ففي استقبال الأُسر في كسوة فرح، في آخر أيام المعرض، يأتي ذاك الفتى الصغير الذي لم يتجاوز التاسعة من عُمره بكُل لهفةٍ وشوق: “الله! لطالما تمنّيت هذا الحذاء!” .
لا أعلم! عينا ذاك الفتى لا تزالُ تَلمعُ في ذهني!
ثمّ ماذا؟
لم يستطع الفتى بلوغ حلمه!
فالأحذية الرياضية انتهت، لكن.. هل من الممكن أن يعود خائبًا في أيام كسوةِ الفرح؟
بالتفاتةٍ سريعةٍ من تلك المتطوّعة، نزعت الحذاء الذي ترتديه، لتُكمل بقيّة يومها بغير حذاء، وها هي تضعه في كيسٍ كما لو كان جديدًا، تُسلّمه لزميلتها: “عطيه ما بيه يحس أنه مني”.
“إحسانُها المبذول في قلبي سكَن،
أحلامُ طفلٍ حُققت، يصنَعُها حذاء بالفَضل”

لم تكن الحكاية الأولى، ولا الموقف الوحيد،
فقصص احتواء تفيضُ إحسانًا، وتفاصيل العطاء تستوقفنا في كُل حملة!

أمّا عن آخر حملاتنا -دفء- بينما كانت التبرعات ألوفًا مجتمعةً من الأحذية، كُلٌّ لا بدّ أن يكون مع زوجه، يا الله الجُهد مُضاعف هُنا!
-“هذا الحذاء مُتّسخ جدًا ومليءٌ بالشقوق! والوقتُ يُداهمنا، أعتقد يا لمى أنّ هذا الحذاء يجب أن يُرسل إلى الجمعية فورًا، لا مجال لنُضيّع وقتنا عليه، بينما بإمكاننا بنفس الوقت الذي سنقضيه في حذاء واحد مثل هذا، أن نُنجز عشرة أحذية أخرى”
صوتٌ من جهةٍ أُخرى: “أصلحوه بقدر استطاعتكم، لا تَحرموا متبرّع الحذاءِ لذّة الأجر! أنتِ ترينهُ حذاءً وحَسب، لكّنه أجرٌ للمُتبرع وكسوةٌ لأحدهم أيضًا!”
يا الله!
لَم يغب عن بالي أبدًا حَديثُها!
كم يبدو الإخلاص والإتقان عميقًا يا الله حين يُخاف على أجر أحدهم!
في تلك اللحظة لم يثبت بذهني إلا بما يعني قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
(أحبِبْ لأخيكَ المسلم كما تُحبّ لنفسك)
كما تُحب..!
لمَ يقتصر الإحسان هُنا على المتطوعات فقط، أو على الأمانة في سياسة عمل احتواء، كتقسيم الثّياب إلى عدّة أقسام وطُرق؛ لتنظيفها وإخراجها بأبهى حُلة!
أو تعقيم الألعاب وتنظيف أعمق الأماكن وأدقّها لتُعطى إلى طفلٍ قد يرى بها عالمه وأحلامه!
بل حتى لتوعية الأسر المُستفيدة لدى المؤسسة، لأنّ الحاجة لم تكمن يومًا في الأشياء العيّنية وحدها فقط!

النّسخة السّابعة من كسوة فرح (رمضان1439هـ):
التبرّعات تأتي من الخارج، كراتينٌ وأكياسٌ كثيرة جدًا، اللون البُني يملأُ المكان، ومن بينِ ألوان الرمال، هُنا صندوقٌ ملوّن بكُل ما هو سَعيد، مُغلّف بتغليف يدوي بسيط مع رسائل مُعايدة قصيرة خُطَّتْ بأيادي أطفال متبرّعين. لا أعلم، لكن تمنيتُ لو بإمكاني أن أرى المُربّي!
شكرًا لكل أمّ تُربّي أطفالًا على الإحسان، ولأبٍ أعطى بالكثير لا الضئيل ليُقتدى به، شكرًا لكل مُربٍّ وضع قيمة العطاء والإحسان بين عينيه؛ ليصنع جيلًا مُحسنًا وعظيمًا.

قد يُمحى كُلّ ما يُكتب أو يُصاغ!
ويضيع كُل ما يُصوّر أو يوثّق!
أنا هُنا لأني أؤمن أن المواقف والقصص هي من تصنعُ الطريق!
هي من تصنعُنا، لا نحن نَختلقها، تُحفر في القلب، وتستقر في العقل، دون ضياعٍ أو نسيان.
وفي النهاية، حيثُ لا نهاية هُنا، ثُمّ إننا
“نتكاملُ للبذلِ سويًا ولنا بالبذلِ إحسان”

التصنيفات
غير مصنف

عوالمُ التطوّع

-غيداء الدخيّل

نائب قائد لجنة المحتوى

عن احتواء، عن التطوع الحقيقي.. عني أنا غيداء اليوم التي ما عادت تشابه غيداء الأمس في شيء!
عن شعوري بأن احتواء الأحقّ -والله أحق- من كل الناس بكتابتي، وبأنه -والله شاهدٌ على ما أقوله- أعظم وأكبر من كل الكتابة، وإن كتبت حتى مطلع فجر العيد، لن أستطيع إيصال شعوري الصادق هذا!
استشعاري بشكلٍ حقيقيّ أن الله اختارني لهذا المكان، وأنه مكاني، وأني جزءٌ لا أتمنى يومًا أن يتجزأ من احتواء..
أشعر أنني أشابه احتواء بشكلٍ غريب، وما أقصده أني في احتواء شخص آخر.. شخصٌ طالما أحببت أن أكون عليه، أن أكون شفافًا وصادقًا، وعلى سجيّتي وكما أنا.
أشعر اليوم أن احتواء صار مني، وأنا منه.. أشعر كشعور الحبيبِ لحبيبه، ذاك الذي من فرط شعورك بالحبّ تجاهه تصبح تشابهه بكل شيء!
واحتواء حبيبي.. حبيبي وصغيري الذي أشعر أنّه يكبرُ بين عينيّ، وفي عينيّ وأعين كل الناس.
التطوع يعلّمك ويغيّرك، وأنا أمضيتُ ست سنواتٍ أتطوع -وربما أكثر- ولم أتغير بشكلٍ حقيقيّ كما غيرني احتواء! هذا التطوع الحقيقيّ الذي يغيّر نظرتك للحياة، وللأشخاص، وللأشياء، ولكل شيء. فلا يمكن أن تنظر للحياة بنفس النظرة بعد أن تعرف التطوع، ولا يمكن لحياتك أن تبقى هي حياتك؛ لأنك أخيرًا ستحيا حياةً حقيقية بعد كثيرٍ من الحيوات التي عشت فيها دون أن تكون حيًا!
ستعرف أيضًا معانٍ أخرى لكل الأشياء.. ستعرف معنى الوقت، معنى الرضا، معنى النَعمِ التي أنعمَ الله بها عليك، ستعرف معنى وقيمة كلِّ شيء، وكل الأشياء ستكون ذات قيمةٍ بعد ذلك، وستستشعرُ أنك كنت طوال حياتك: أعمى!
ستتعب، ستُجهد، وقد تفعلُ أشياء لم تفعلها طوال حياتك لأجل التطوعِ هذا.. قد يُشفقُ عليك ويسخر منك العالم أجمع لأنك متطوع بلا أي مقابلٍ ماديّ، وقد تواجهُ أي شيء.. لكن حين تلامس شعورًا خفيًا في داخلك قد لا يراهُ أحدٌ غيرُك بأنك أنت الفائز وهم الخاسرون ستشفقُ عليهم أنت!
لا تسمع لنفسك حين تنهاك عن التطوع بأعذارٍ واهيةٍ وغير حقيقيةٍ كأن تقول لنفسك أنك مشغول، ولا تسمح لها أبدًا أن تضيّع أي لحظةٍ كانت عليك؛ لأنك أنت من تحتاج التطوع هذا؛ فإن أحسنتَ أحسنتَ لنفسك، لا للمحتاجِ كما يظنّ العالم!
ولا أبالغ في هذا، فحين تتطوع ستشعر بشعورٍ أخيرًا أستطيع أن أصرّح به: ستشعر وأنت في هذا المكان بين الكثير من الناس أن الله اختارك أنت، وأنه ليس مجرد مكانٍ عادي، إنه لشيء عظيم هذا التسخير ليكون أنت هذا الشخص لا أحدٌ آخر، أن سخّرك بفضله، ومنّه عليك بما يحبه ويرضاه..
ثم لا تجعلنا اللهمَّ من الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ولا تجعلنا نظن أننا مستقيمون دون أن نلحظ ميلاننا يا ربّ، وسخّرنا للخير وسخّر لنا أهله.

  • كسوة فرح.
  • 17/6/2017
التصنيفات
غير مصنف

للتّطوّع مرفأ..

-أريج المصطفى                                                                                              قائد لجنة المحتوى

لمّا بدأ احتواء عطاءه، وصارت الأيادي تتكاتف نحوه، كان بوّابةَ تسخيرٍ لأرواحِ شباب طالما آمنوا بالعطاء والبذل، وبأنّ السعادة الحقيقيّة تكمن في قلبٍ يسعدُ بما يستحقّه من بذل وخير. يكبرُ احتواء عامًا بعد عام في قلبِ كل شابّة وشابٍّ قد عملوا معه وبه ولأجله، قاصدين غايةً واحدةً باختلاف السُّبُل والطّرُق المتفرّعة.
يكبُر احتواءُ أكثر فيحتوي كلّ نفسٍ تبذل فيه وتعطي ليمتدّ هذا الاحتواء إلى أهلنا الذين يمدّوننا دومًا بالأمن والطمأنينة، حينما نتعاون بنيانًا مرصوصًا لنُسقى ونسقي، لنأخذ ابتسامةً ونعطي كسوةً، لنأخذ قبَس نورٍ ونُعطي إلهامًا، لينبت في قلبنا بستانُ عطاءٍ قد حرَثَه احتواؤنا.
ــــــــ
ومنذ اللحظة الأولى، لحظة العطاءِ الأوّل من الفردِ الأول، قبل أن نصبحَ مئاتٍ تتكاتف لتعمل، كانت التّفاصيل الصغيرة بالجوار تبني احتواءً قد بلغ أُفُقَهُ اليوم.
بينَ استشعار نعمة التّسخير حينَ يقول صلى الله عليه وسلم (والله في عونِ العبد ما كان العبدُ في عونِ أخيه)، والسّعي أملًا في أن يكونَ لنا جوابٌ شافعٌ يوم نقف بين يدي الله تعالى يسألنا عن شبابنا فيما أفنيْناه، وبين إحسانٍ في عطاء أُناسٍ لم نعرفهم يومًا لكنّ إخلاصهم كان مكتوبًا عندَ الخبير العليم، والكثير من القصص والعِبَر والتّفاصيل التي بنَت احتواء بمتطوّعاته ومتطوّعيه، مشكّلين بأبسط تفاصيلهم لوحةً فسيفسائيّة لاحتواء.
ولأنّ بجعبةِ كلِّ منّا قصصًا عن احتواء تُروى، ودعائمَ نذكّر فيها بعضنا كلّما وهَنّا أو تعِبنا، ولأنّ لاحتواء علينا فضلًا وحبًّا؛ سنكتب.
من احتواء، له، لمتطوّعاته ومتطوّعيه، لكلّ من أنعَمَ الله عليه بفضله واجتباه لفعل الخير، هذه المدوّنة لنا جميعًا.. لابتسامةِ الظّفَر يوم تبلغُ إحصائيّاتُ حملاتنا قممًا جديدة، لتنهيدة التّعَبِ بعد يومٍ حافلٍ بالعمل، للصّورةِ التي تُعيد المتطوّعةُ التقاطها حتى تعبّر عن احتواء كما يليق، للنّشوة حين تصل المتطوّعات إلى فكرةٍ تسويقيّةٍ جديدة، للكاتبات حين تبلغُ خطةُ حسابات الحملة تمامها، لكلّ روحٍ تعملُ في احتواء، تبتغي وجه المولى تعالى في عملها، لكلّ باذلةٍ وباذلٍ لم تكن أسماؤهم في العَلَن تحكي دروبهم، نكتب هذه المدوّنة بكلّ شعور يهَبَنا إيّاه احتواء، لنا ولكم.