التصنيفات
غير مصنف

عوالمُ التطوّع

-غيداء الدخيّل

نائب قائد لجنة المحتوى

عن احتواء، عن التطوع الحقيقي.. عني أنا غيداء اليوم التي ما عادت تشابه غيداء الأمس في شيء!
عن شعوري بأن احتواء الأحقّ -والله أحق- من كل الناس بكتابتي، وبأنه -والله شاهدٌ على ما أقوله- أعظم وأكبر من كل الكتابة، وإن كتبت حتى مطلع فجر العيد، لن أستطيع إيصال شعوري الصادق هذا!
استشعاري بشكلٍ حقيقيّ أن الله اختارني لهذا المكان، وأنه مكاني، وأني جزءٌ لا أتمنى يومًا أن يتجزأ من احتواء..
أشعر أنني أشابه احتواء بشكلٍ غريب، وما أقصده أني في احتواء شخص آخر.. شخصٌ طالما أحببت أن أكون عليه، أن أكون شفافًا وصادقًا، وعلى سجيّتي وكما أنا.
أشعر اليوم أن احتواء صار مني، وأنا منه.. أشعر كشعور الحبيبِ لحبيبه، ذاك الذي من فرط شعورك بالحبّ تجاهه تصبح تشابهه بكل شيء!
واحتواء حبيبي.. حبيبي وصغيري الذي أشعر أنّه يكبرُ بين عينيّ، وفي عينيّ وأعين كل الناس.
التطوع يعلّمك ويغيّرك، وأنا أمضيتُ ست سنواتٍ أتطوع -وربما أكثر- ولم أتغير بشكلٍ حقيقيّ كما غيرني احتواء! هذا التطوع الحقيقيّ الذي يغيّر نظرتك للحياة، وللأشخاص، وللأشياء، ولكل شيء. فلا يمكن أن تنظر للحياة بنفس النظرة بعد أن تعرف التطوع، ولا يمكن لحياتك أن تبقى هي حياتك؛ لأنك أخيرًا ستحيا حياةً حقيقية بعد كثيرٍ من الحيوات التي عشت فيها دون أن تكون حيًا!
ستعرف أيضًا معانٍ أخرى لكل الأشياء.. ستعرف معنى الوقت، معنى الرضا، معنى النَعمِ التي أنعمَ الله بها عليك، ستعرف معنى وقيمة كلِّ شيء، وكل الأشياء ستكون ذات قيمةٍ بعد ذلك، وستستشعرُ أنك كنت طوال حياتك: أعمى!
ستتعب، ستُجهد، وقد تفعلُ أشياء لم تفعلها طوال حياتك لأجل التطوعِ هذا.. قد يُشفقُ عليك ويسخر منك العالم أجمع لأنك متطوع بلا أي مقابلٍ ماديّ، وقد تواجهُ أي شيء.. لكن حين تلامس شعورًا خفيًا في داخلك قد لا يراهُ أحدٌ غيرُك بأنك أنت الفائز وهم الخاسرون ستشفقُ عليهم أنت!
لا تسمع لنفسك حين تنهاك عن التطوع بأعذارٍ واهيةٍ وغير حقيقيةٍ كأن تقول لنفسك أنك مشغول، ولا تسمح لها أبدًا أن تضيّع أي لحظةٍ كانت عليك؛ لأنك أنت من تحتاج التطوع هذا؛ فإن أحسنتَ أحسنتَ لنفسك، لا للمحتاجِ كما يظنّ العالم!
ولا أبالغ في هذا، فحين تتطوع ستشعر بشعورٍ أخيرًا أستطيع أن أصرّح به: ستشعر وأنت في هذا المكان بين الكثير من الناس أن الله اختارك أنت، وأنه ليس مجرد مكانٍ عادي، إنه لشيء عظيم هذا التسخير ليكون أنت هذا الشخص لا أحدٌ آخر، أن سخّرك بفضله، ومنّه عليك بما يحبه ويرضاه..
ثم لا تجعلنا اللهمَّ من الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ولا تجعلنا نظن أننا مستقيمون دون أن نلحظ ميلاننا يا ربّ، وسخّرنا للخير وسخّر لنا أهله.

  • كسوة فرح.
  • 17/6/2017

تعليق واحد على “عوالمُ التطوّع”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.