التصنيفات
غير مصنف

«محلوّة اليوم..»

-سعاد البرّاك
عضو لجنة المحتوى

قبل أيام خرجت من إحدى الغرف لأصادف العاملة، ابتسمت لها ملوّحة: 
– كيفك يا حلوة، طيبة؟
نظرت إلي ثم ألقت بكل ما تحمله بين يديها وضمّتني بقوة كضم الأم لطفلها المفقود!
أسرعت لتقبّل خدي وتهمس: 
– شكرا 
ثم غادرت.. هكذا كان المشهد متشكّلًا خلال ثوانٍ قليلة. 

ارتعبت من ردة الفعل، فـ (الضم القوي) و (شكرًا) لا تعتبر ردًّا معتادًا لسؤال «كيف حالك؟»  
أكملت سيري الذي لا أعرف لأين أخذني متأملة هذا الموقف، ما الذي جعلها متلهفة وممتنة بهذا الشكل؟ كيف يمكن للكلمة أن ترد إليك قلبك بتلك الطريقة؟
في حقيقة الأمر ردة فعلها جعلت يومي جميلًا جدًا.. جعلت قلبي طائرًا.. كما لو أن ملائكة رحمة تحيط به.. 
الفكرة التي ألحّت عليّ في تلك اللحظة هي أن لطف الكلام وحسن اختيار المفردة عِلم يُتعلم وفن يورثه الأب لابنه بالتربية، فلا يولد الطفل سيء الخلق فاحش اللسان.. 

«معليش أنا عفوية»
«تراني صريحة تحملي»
«ماعندي أنا.. أعطي بالوجه»  

لطالما كنت أتعجب ممن لا يقيم وزنًا ولا طائلًا لقلوب الآخرين.
نعم.. من المهم جدًا أن تكون ذاتك هي أولويتك. إلا أن عليك ألا تُردي الآخر طريحًا يلملم شتات نفسه من وقع كلمة كنت «عفويًا» بها، فـ «معليش» لا تنقذ الوضع يا صديقي!

دعنا نرتب الأمر معًا..
أولًا: تخلص من عفويتك!
إن كنت ممن يظن أن العفوية هي ما يخرج من فمك دون حسبان، فعفويتك يا عزيزي قنبلة ملوثة، فهناك فارق بين ما تتصنعه وما تفعله بشكل طبيعي، وما تقوله دون اكتراث! 
ثانيًا: المجاملة لا تعني الكذب مطلقًا
«محلوة اليوم» لا يعني أنها «قبيحة بالأمس!» كل ما في الأمر قد يكون قطعة لباس جديدة أو ابتسامة طغت عليها فأضافت إشراقًا لمحيّاها. 
ثالثًا: لا تستطيع..؟
لا تقلها.. لا تخرجها.. لا تقل «أسنانك يبغالها تقويم» «صوت عطاسك مضحك» و «طفلك مزعج». 
قد تكون الأولى غير قادرة
وقد تكون الثانية مدركةً لمشكلتها
وقد يكون الأخير فرط حركة.. 

وقد تكون لا شيء إلا أن آخر ما تود أن تسمعه هو تعليقك عليها!
بالمناسبة، كاتبة هذه التدوينة كانت تكره حاجبيها نظرًا لتعليق إحداهن «العفوي».

في الختام:
س: ما أقل الإيمان في لُطف الكلام؟
ج: أن لا تُسهر قلب أحدهم بكلمة، فإنما أقل الإحسان كلمة. 

فما بين القيل والقال ضع «صدقة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.