-فاطمة باحمدين
عضو لجنة المحتوى
نُعطي..
فيَنبُت شيءٌ..
يسُدّ الثقوب
يُواسي الخُطوب
يبسُط الفيء
بكلّ الدروب.
بينما ننظُر لانشغالنا بالحياة الشخصية وتحقيق الرّضا المعيشي، قد نتساءل لمَ علينا قضاء بعض الوقت في العطاء؟ ما مردود كلّ هذا الوقت الذي نخسره بلا طائل -حسب المفهوم المُتعارف عليه-.. لمَ علينا أن نكون شجرة يأكل من ثمارها المارّة ويستظلّون بها، أو أن نكون أشبه بغيمة، أو أن نكون لُطفاء كرذاذ المطر؟
لكن، عند رؤية الأمر من عدسةٍ أقرب، فالمردود الأكبر والأوفر للمُعطي.. نحن لبعضنا دومًا رغم اختلاف الماء الذي عُجِن به طيننا، واختلاف المراحل الّتي نمرّ بها، نحنُ كُلنا طينٌ يتلاحم مع بعضه، ولا يعيش الواحد منّا لنفسه فقط!
أروي غيري لِيَلين، يُنبت ويُزهر.. أو يحدُث العكسُ فأُروَى بدوري أنا.
تجلس على كُرسيّك كُلّ يوم مُتأملًا مِن حولك العطاء مرسومٌ دومًا بأبهى صوره..
فهذا الصبحُ يؤوينا، وشمسُ الصبحِ تُضوينا، وأمامك الكهلُ مستندًا على عكّازته يُسرع إليه الفتيَة لمساعدته على الجلوس. وهُناك أحَد الآباء، يسعى جاهدًا لرسم البسمة على وجه ابنته.
وعند حلول الشهر المُبارك، لا ننسى جميعًا تلك المرأة الّتي تصنَع الحساء بحبٍّ يومًا بعد يوم، لِتُشاركه إفطارًا لصائمٍ تكاد لا تعرفه!
وذاكَ الشّاب يزور اليتامى متى استطاع ويمسح على رؤوسهم! وأحد الإعلاميين المعروفين يُغطّي بعدسة هاتفه الكثير مِن الحملات التطوّعية بلا مُقابل سوى الدّعاء، والكاتبة القديرة خلف السِّتار.. تكتُب القصص بلا كَلل وتجمع ريْعها لتسديد رسوم دراسة طفلٍ محتاج
ويتجلّى السّخاء بأحلى صورِهِ مع مناسك الحَج حين يُبادر المتطوّعون والمتطوّعات بمختلف أعمارهم لمساعدة ضيوف الرّحمن رغم طول المسافات وحرارة الأجواء.
كُل هذَا نحسبه بِلا مردود! ولا ندري أنّا بعطائنا كسبنا الحُبّ والإحسان والبسمة، رَبَّتَ العطاء على أكتافنا قَبل أن نُبادر بذلك، حين أشعلنا شُعاعًا نكاد لا نُبصر له انتهاءً..
والله يُجازي الحُسن بالإحسان؛ فأحسِنوا تُحسِنوا لأنفسكم