التصنيفات
غير مصنف

الكتابة.. كحرفة أصيلة

-حصة السعيدان

عضو لجنة المحتوى

.

لي في عالم التطوع ما يقارب الخمسة أعوام، وقد كنت ضليعة بخصوص هذا المفهوم، ولكنني كنت أحبه وأنا لا أعرفه حتى! كنت أتخيله على أنه عالم صناعة وجبات غذائية وترتيبها وتوزيعها، بهذا الإجمال والجمال والبساطة..

لم أكن أتخيل أنني سأكتب يومًا طوعًا وحبًا وتطوعًا! نعم لدي ميول في هذا الجانب الأدبي وتغالبني الحيرة كما تغالب الجميع في دروب المواهب والميول، بداية من اكتشافها إلى صناعتها وتطويرها والارتقاء بها، ولكن كنت أكتب مع نفسي إلى أن جاءتني فرصة ذهبية، وهي أن أنضم للجنة إدارة المحتوى في المؤسسة. ومع أني أفهم كم أن الكتابة عملية صعبة لم أكن أتخيل أن لها هذه التخصصات والأنواع والاستخدامات والأثر!
لم تواجهني صعوبة في رصد الكلمات وسردها بقدر ما كانت تواجهني صعوبة استيفاء معاني العطاء الخلابة التي أشاهدها في الميدان مثلا، أو في المهام المستمرة المؤداة عن بعد كوسيلة، لكنها عن قرب كاهتمام ودراية، كانت المهمة الصعبة في أن تكون جزءًا من صناعة هذه الخيرات وكيف تؤديها بمسؤولية معهودة وبسخاء وارف.. كانت الفكرة أن يكون الحرف الواحد صدقة ونماء، والكتابة في أصلها حرفة أصيلة فكيف لو كانت في سبيل طيب ووفير؟

قد يتبادر إلى أذهانكم الآن كيف هي آليتنا في العمل، ولماذا صار هناك (لجنة) متكاملة للمحتوى الكتابي؟
نحن في البداية نتفق على أن المحتوى المقروء جزء لا يستهان به في عملية التنظيم والترتيب والتواصل والإخراج للأعمال. إذ أن الظهور التفاعلي في منصات التواصل الاجتماعي أو مع الجهات للتنسيق والتنظيم وحده لا يكفي.
كما نتفق على أن الكتابة ليست مجرد صف للكلمات بلا بعد نظر وبلا صناعة، إنها عملية متكاملة من الدراسة والتحليل والتفكير والموازنة، والإبداع!
إن الكتابة جزء لا يتجزأ من عملية سير الحملة الخيرية، وأي عمل خارج ذلك في الأصل، ولكن كيف يحدث هذا؟

طريقة التواصل المباشر بالكلام لا غبار على فائدتها، ولكننا نحتاج للنسخة (الرسمية) لهذه الاتفاقات الطائرة في الهواء وعلى هذا نعتمد في تأدية الاتفاقات ما بين المؤسسة والجهات على (خطابات) منظمة ترسل بصيغة رسمية وبقالب موحد.
ثم تأتي أعمال الحملة ذاتها، في التسويق لها، وفي النقل والتغطية وكل هذا يتم بإعداد خط زمني محكم للنشر بالتواريخ والأيام ونوع النصوص ونوع محتواها المرئي المصاحب. إضافة لنصوص إعداد هذه المحتويات المرئية سواء كانت نصًّا أو تصميمًا، أو نص سيناريو أو نص حوار مثلا أو شارة، وتوزيع مهام هذه الخطة من قبل قائدة اللجنة ونائبتها على الأعضاء وما يتبع ذلك من متابعة وتحسين وتطوير لهذه العملية ككل.
كما أن هناك مهام متزامنة مع الحملات القائمة للمؤسسة، هناك مهامًّا ثابتة لكل عضو كالتدقيق وكتابة التقارير النهائية للحملات أو الخطابات أو الخطط أو الترجمة أو المدونة هذه.

إن كلماتي السابقة ليست لإبداء أهمية الكتابة أو التعريض على فضلها علينا عامة وعليّ خصوصًا مع احتواء، إنني إذ أكتب هنا أكتب لأن التطوع مجد عظيم، وهذا المجد تقود طريقه بأي شيء تملكه، وهذه ليست بفكرة جديدة، الجديد هنا: لفت نظرك لوجوب الانتباه لمكامن الرزق في روحك ووهب جزء منها لهذا العالم الرحب.

التصنيفات
غير مصنف

بين يديك منجَمُ ذهَبْ!

-سارة المقرم

عضو لجنة المحتوى

أجل.. بين يديكَ أنت -قارئي العزيز- منجمٌ نفيسٌ لا يقدَّر بثمن.. هل تعلمُ ذلك؟
كنوزُه ستجعلُ حياتَك جنّةً خضراء، وتفتحُ لك معابرًا إلى الرّضا والحُبور..
ستأخذُك إلى عالمٍ لؤلؤيٍّ يأسرُك بنقائه، وربّما تتساءلُ حينها: «أين كنتُ عنه من قبل»؟!

حسنًا.. لن أطيلَ عليك في محوِ تلك الضبابيّة عن ذهنك، وكشفِ السّتار عن إجابةِ تساؤلاتك.. ولتتابعْ قراءة أسطري ستجدُ ضالّتك!

أترى هذه الشّاشةَ التي تقرؤني من خلالها، ونقضي جميعًا جُلّ يومنا مُحدِّقين إليها؟! 
ماذا لو قلتُ لك أنها هي المنجمُ الذي أعنيه؟!
وأنّها معبرٌ إلى كثيرٍ من الفُرص التي تُكسِب حياتك معنىً وقيمةً؟! وقتنا الذي نقضيه مع أجهزتنا نكاد نتّفق أنه يذهب سُدىً إن لم يكن في مهامٍ تتطلبها وظائفنا أو دراستنا، فضلًا عمن يعاني فراغًا شاسعًا في يومه، ولا يدركُ أنه قاب قوسينِ أو أدنى من إنجازاتٍ تزهرُ حياته إن أحسن استغلالَ جهازه..!

ولذا سأتحدّثُ هنا عن أفخمِ منجَمٍ من مناجمِ هذه التقنيَة، ذاك هو (منجم التطوّع) ياعزيزي!
لك عبرَ شاشتك طريقٌ موصلٌ إلى عالم التطوّع.. العالمُ الذي إن دخلته طوّقك بجماله فلا تملك للخروجِ منه سبيلًا.. بل لا تفكّر أصلًا في البحث عن مخرجٍ منه لعذوبته!
ولأنّي رأيتُ بهجة كنوزِه في «احتواء» تهفو نفسي إلى الحديثِ عنها؛ علّي أحرّك شيئًا في نفسِ أحدهم، فيتوقُ لتجرِبة تلك اللذّة!
سأخبرُك من واقعٍ معاصَر: كونُك تتطوّعُ «إلكترونيًا» لا يقلّ ذلك قيمةً أو متعةً عمّا لو كنت في ميادين التطوّع تعيش دآبةَ العملِ فيها، وربّما تقدّم أكثر ممّا يقدمه المتطوّعون في ميادينهم! 
نعم.. ستكون في منزلك، لكنّك ستبلغُ الآفاقَ بقدراتك ومواهبك حين تسخّرها لنفعِ الآخرين، حين تدركُ أنّ في المجتمعِ ثغرًا لن يسدَّه إلّاك، وأنّ هناك جزءًا يحتاجك أنت وما تملك، حين تحتسب عملك وما بذلتَ لربّك لا تريدُ من سواهُ جزاءً ولا شكورًا..
لك أن تتخيّل مثلًا إن كنت متطوّعًا بقلمك وكتبت داعيًا إلى البذلِ لمحتاج، ثمّ تصدّقَ أحدهم متأثرًا بما كتبت، وأعطى لأنّ حرفَك استنهض همّته.. كم من الحسناتِ ستُكتب لك؟!.. يا لفخامة ذاك الأثر!
وعليه قِس في أي خبرةٍ أو موهبةٍ، ولأيّ فكرة تبديها أو رأيٍ تسديه، أو وقتٍ تمضيه.. كلّ ذاك رفعةً لميزانِك لن يذهبَ هباءً منثورًا.

ليس هذا كلّ ما في الأمر!
ستعرفُ أيضًا في هذا العالَم كيف تتآلفُ الأرواح دون لقاء!
كيف تعملُ مع أناسٍ لم ترهم يومًا، وتلتقي بهم خلف الشّاشة لسنواتٍ دون أن تعرفَ هيئةَ أحدٍ منهم!
بل يحدُث أن تكنّ لهم من مشاعرِ الوُدّ مثلما تكنّ لعلاقاتك الواقعيّة أو ربّما أكثر!
سترى كيف يلتقي أولو الهممِ مع تفاوتِ أعمارهم ومستوياتهم، واختلافِ أساليبهم.. كيف يُهمَل ذاك الاختلاف حين يلتقون لهدفٍ واحدٍ مسخرين طاقاتهم وما ملكوا لأجله!
ستعيشُ هناك حياةً جميلة.. تكاد تجزم أنها جنّة الدّنيا ومستراح الرّوح، وألا حياةَ سواها بهذا الجمال!
ستدركُ حينها أن تلك المعاني تعدلُ في قيمتها مناجمَ الذهب وثراءَ الأثرياء، المهمُّ أن تُحسِن اختيار مفتاحها عبر جهازك هذا، وتبني من وقتك أثرًا نافعًا يسمو بذكرك بين الخلائق، أو أنّه سيهوي بك إن أسأت استخدامه وينأى بك عن تلك العوالمِ الزاهية..
واختر لنفسك: هل تجعل من ساعاتِ فراغك سلّمًا لآفاق السّعادة، أو سورًا يسوّرك بالحسرةِ والنّدم؟

ختامًا: أنت من يجعلُ من جهازك منجَمَ ذهبٍ يغنيك، أو حُفرةً تلتهمُ أثمن ماتملك: عمرُك ووقتك، فكُن فطنًا..!

التصنيفات
غير مصنف

عن مدرسة تُدعى «تطوّع»

-فاطمة البوق

عضو لجنة المحتوى

حين نكتب عن التطوع فنحن نكتب عن حقل متجدد، عن مدرسة لا يغادرها طُلابها، تعطيك الأكثر كلّما وهبتها من كثيرك. كل تجربة تطوع تعلمك درسا، أو توثق فيك معنى نبيلا، وتبصّرك بوجوه الحياة كما لم تبصرها/ لم تعرفها من قبل، وتعينك على التفاني بالعطاء والإحسان.

كل عمل له نظامه الخاص، وأسلوبه المعتمد، ولفريقه السمة التي يُعرف بها.. والتطوع يهبك المرونة اللازمة للتكيف مع كل عمل، والانتقال من عمل إلى آخر، دون أن تتأثر الجودة، والكفاءة، ودون أن تشذّ عن أداء الفريق.

في التطوع.. ستنتقل من دور إلى دور، وتواجه فئات مختلفة، فتارة أنت قائد الفريق، وأخرى أنت الفرد داخل الجماعة، مرة تكون بين الشباب، وأخرى بين الكهول.
وبانتقالاتك، وأدوارك المختلفة سيكشف لك منطقة تجهلها في نفسك، منطقة تستحق الاستثمار أو العناية والإصلاح.
ستكتسب مع الأيام القدرة على تجاوز الذات -وماتراه مناسبا وماتعتنقه من أفكار وآراء- وتُطوّعها لمصلحة الفريق.
ولأنّ التطوع مبنيّ في أكثر حالاته -التي عرفتها- على وجود الجماعة، لا على العمل الفردي؛ فستعرف من خلاله الطرق الأمثل للتعامل مع الآخرين، ومراعاة الفروق بينهم، وستكتسب المهارات الاجتماعية اللازمة لحلّ كل مُشكِل تواجهه داخل الفريق، أو خارجه.
وأنت في كلّ هذا ستُفعّل الكثير من القيم العظيمة التي يُطالَب بها المسلم وتَحْسُن بها أخلاقه.

.

إنّ العمل التطوعي بحاجة إلى جهود مكثفة، واحترافية عالية، وإتقان، وتفهم للمجتمع واحتياجاته، وفقه بالواقع والأساليب الملائمة له، ومعرفة بالمهارات اللازمة للإدارة والقيادة، والتسويق، والعلاقات الواسعة الطيبة، والنباهة، واستقطاب أهل المواهب، ومخاطبة العقول والقلوب بالخطاب الذي تعيه، في الوقت الأنسب..
والكثير من المهارات التي لا يُستغنى عنها داخل أي منظومة ربحية.
فالأهداف الكبيرة بحاجة إلى عقول واعية، وأياد خادمة لا تكلّ، ومواهب تُسخّر لخدمتها، وتنّوع أفكار، وتخصصات، وابتكار متجدد للوسائل..
والتطوع لا يقوم على فضل الأوقات والأفكار، بل الأَولى أن يُخصَّص له الوقت، ويُقبَل عليه بكامل الإرادة والهمة العالية.
إن جرّبت التطوع داخل مؤسسة خصبة تضم هذا، فستدرك أنّ العمل التطوعي الثري يستخلص أفضل ما فيك، ويعينك على تربية نفسك وتزكيتها باستمرار. ثم يوجّه عقلك وعواطفك وطاقاتك داخل عمل جماعيّ، يعود عليك وعلى المجتمع بالنفع-بإذن الله-.

مع هذا قد يتوهم البعيد عن الميدان أنّ التطوع تجربة خالية من الصعاب والعثرات والأدواء!
في كل خطواتك لن تسلم من التهم تطعن في نواياك، وتسيء بك الظنّ، ولن تسلم ممن يُشخصن كل اختلاف معه ويحوله إلى خلاف. ولن تسلم من عداء كثير من المجموعات الخارجية، والأفراد، ومن العثرات التي تنصب في دروبك…
وفي كل عمل ستمتحن نفسك؛ لتبصر بها عيوبك وآفاتك التي لا يعلم بها أحد سواك.
تواجهها بالأسئلة، أو تحاصرها.. تصدقها الإجابة؛ ليستقيم حالك وحال عملك.
تفتّش فيك عن بواعثك، تستقرئ نواياك، وتشذّب رغباتك، وتنظر إلى غاياتك من كل خطوة تخطوها باسم التطوع.
تجدد نواياك، وتسأل الله أن يهبك الإخلاص في القول والعمل، ويزكّيك. إنّه على كل شيء قدير!

التصنيفات
غير مصنف

لديّ حلم.. لديّ بصيرة

-شذى الأنصاري

عضو لجنة المحتوى

إن كان (توفيق زياد) يعطي نصف عمره لمن يجعل طفلًا باكيًا يضحك، فأنا أعطي نصف وقتي لمن يجعل طفلًا متسائلًا يرضى.
وأقضي النصف الآخر من وقتي في الحديث عن (برنامج بصيرة) مستفتحةً حديثي بقوله تعالى:
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر: 9]
لا يستوون! كانت هذه إجابة احتواء، وكان برنامج بصيرة التعقيب الفعلي على هذه الآية.

أستطيع أن أسمع سؤالًا مُلحًا بعد قراءتك للسطور السابقة: ما هو برنامج بصيرة؟
ظاهريًا يمهد برنامج بصيرة طريق العلم أمام من واجهوا عقبات كادت أن تصرفهم عن سبل التعلم، أما جوهر البرنامج فهو ما أحاول أن أظهره بصقل حروفي في السّرد التالي..

لو جلست في مدرج ذاكرتي وتأملت الجو العام لبصيرة سأحب أن أتخيلها كعملة ذهبية في جيب الأيام، خُط على الوجه الأول منها كلمة (تعلم) ورُسم على الوجه الآخر صورة (شجرة) ترمز إلى النماء.

الوجه الأول: تعلم

تستطيع أن تُشغل عقلك بلغزٍ محير خلال مسيرتك في أروقة بصيرة، ذلك اللغز يتجسّد في سؤال: من يتعلم بالضبط؟
بنظرة سريعة على الفصول ستكون إجابتك: الأطفال طبعًا! لكن (طبعًا) هذه ستكون (ممكن) متشككة عندما تُلقي نظرة على المتطوعات في البيئة. ستلاحظ بأن كل متطوعة تتعلم في ميدانين متقابلين: ميدان الأطفال وتجربتها التدريسية، وميدان المتطوعات وخبراتهم الغنية.
وعندما تُنصت في مجالس الأمهات سينشغل سمعك بقول إحدى الأمهات:
«انتم تعلمونها وهي تعلمني، وتعلم أخوها» حينها سيستسلم عقلك ويقرر بأن نتائج التعلم هنا غير قابلة للحصر.
أليس هذا ما قصدوه عندما قالوا: إذا علمت بنتًا فقد علمت أمة؟

الوجه الثاني: شجرة

من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علما)

كان هذا الدعاء حاضرًا أثناء تعلمي وتعليمي. فتساءلت عن المعنى الحقيقي لـ (العلم النافع)؟
ساعدتني بصيرة في الإجابة -جزئيًا- على هذا السؤال، وكانت الإجابة الجزئية: أن العلم النافع هو ما أستطيع أن ألمس أثره في حياتي، وهو ما يساعدني على اكتشاف دوري -المخلص- في النهضة بنفسي وأسرتي ومجتمعي…

هذا العلم النافع هو ما أرنو إليه عندما أفكر بنمط التعليم في بصيرة؛ ففي أروقتها وفصولها يأخذ التعليم منحنى آخر بالإضافة لمنحناه الأكاديمي، وكأن البيئة تغرس بمن يلتحق بها بذور نماء تُورق في بصيرة أولًا، لتُثمر بعدها في بيئة الأطفال والمتطوعات..
فتكون النتيجة: أفرادًا يؤمنون بدورهم النمائي في المجتمع، ويمدّون جذور تغييرهم في الأرض، كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.

أخيرًا:

لدي حلم.. أن يحصل كل طفلٍ على حقه في التعليم.
لدي بصيرة.. المساهِمة في تحقيق جزء من حلمي.

التصنيفات
غير مصنف

ماذا لو كان حذاء سندريلا في احتواء؟

-شذى آل صقيه

عضو لجنة المحتوى

(وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينْ)


لأن احتواء قصصٌ وحكايا لا تَنفد!
وبجُعبة كلٍّ مِنا أسرارٌ ورواياتٌ مُختلفة، قلمي يبدأُ في المسير دون توقفٍ هُنا!
عن الإحسان في تلك القصص والحكايا التي أغوص في عُمقها مجدّدةً لقلبي حبّ تفاصيلها كتجدّد شروق الشمس التي ترقبني من النافذة وأنا أكتب الآن..
فهل تشاركنا -عزيزي القارئ- أنا والشمس تذوّق حلاوة ما خطّه القلم؟
من ذكرى لإيثار متطوعة، وأمانة عمل، وطيب تربية..
دعنا نبدأ مع تلك الصورة التي لا تغيب، عن دقّة الإيثار سنتحدّث، عن صدق الشعور:
ففي استقبال الأُسر في كسوة فرح، في آخر أيام المعرض، يأتي ذاك الفتى الصغير الذي لم يتجاوز التاسعة من عُمره بكُل لهفةٍ وشوق: “الله! لطالما تمنّيت هذا الحذاء!” .
لا أعلم! عينا ذاك الفتى لا تزالُ تَلمعُ في ذهني!
ثمّ ماذا؟
لم يستطع الفتى بلوغ حلمه!
فالأحذية الرياضية انتهت، لكن.. هل من الممكن أن يعود خائبًا في أيام كسوةِ الفرح؟
بالتفاتةٍ سريعةٍ من تلك المتطوّعة، نزعت الحذاء الذي ترتديه، لتُكمل بقيّة يومها بغير حذاء، وها هي تضعه في كيسٍ كما لو كان جديدًا، تُسلّمه لزميلتها: “عطيه ما بيه يحس أنه مني”.
“إحسانُها المبذول في قلبي سكَن،
أحلامُ طفلٍ حُققت، يصنَعُها حذاء بالفَضل”

لم تكن الحكاية الأولى، ولا الموقف الوحيد،
فقصص احتواء تفيضُ إحسانًا، وتفاصيل العطاء تستوقفنا في كُل حملة!

أمّا عن آخر حملاتنا -دفء- بينما كانت التبرعات ألوفًا مجتمعةً من الأحذية، كُلٌّ لا بدّ أن يكون مع زوجه، يا الله الجُهد مُضاعف هُنا!
-“هذا الحذاء مُتّسخ جدًا ومليءٌ بالشقوق! والوقتُ يُداهمنا، أعتقد يا لمى أنّ هذا الحذاء يجب أن يُرسل إلى الجمعية فورًا، لا مجال لنُضيّع وقتنا عليه، بينما بإمكاننا بنفس الوقت الذي سنقضيه في حذاء واحد مثل هذا، أن نُنجز عشرة أحذية أخرى”
صوتٌ من جهةٍ أُخرى: “أصلحوه بقدر استطاعتكم، لا تَحرموا متبرّع الحذاءِ لذّة الأجر! أنتِ ترينهُ حذاءً وحَسب، لكّنه أجرٌ للمُتبرع وكسوةٌ لأحدهم أيضًا!”
يا الله!
لَم يغب عن بالي أبدًا حَديثُها!
كم يبدو الإخلاص والإتقان عميقًا يا الله حين يُخاف على أجر أحدهم!
في تلك اللحظة لم يثبت بذهني إلا بما يعني قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
(أحبِبْ لأخيكَ المسلم كما تُحبّ لنفسك)
كما تُحب..!
لمَ يقتصر الإحسان هُنا على المتطوعات فقط، أو على الأمانة في سياسة عمل احتواء، كتقسيم الثّياب إلى عدّة أقسام وطُرق؛ لتنظيفها وإخراجها بأبهى حُلة!
أو تعقيم الألعاب وتنظيف أعمق الأماكن وأدقّها لتُعطى إلى طفلٍ قد يرى بها عالمه وأحلامه!
بل حتى لتوعية الأسر المُستفيدة لدى المؤسسة، لأنّ الحاجة لم تكمن يومًا في الأشياء العيّنية وحدها فقط!

النّسخة السّابعة من كسوة فرح (رمضان1439هـ):
التبرّعات تأتي من الخارج، كراتينٌ وأكياسٌ كثيرة جدًا، اللون البُني يملأُ المكان، ومن بينِ ألوان الرمال، هُنا صندوقٌ ملوّن بكُل ما هو سَعيد، مُغلّف بتغليف يدوي بسيط مع رسائل مُعايدة قصيرة خُطَّتْ بأيادي أطفال متبرّعين. لا أعلم، لكن تمنيتُ لو بإمكاني أن أرى المُربّي!
شكرًا لكل أمّ تُربّي أطفالًا على الإحسان، ولأبٍ أعطى بالكثير لا الضئيل ليُقتدى به، شكرًا لكل مُربٍّ وضع قيمة العطاء والإحسان بين عينيه؛ ليصنع جيلًا مُحسنًا وعظيمًا.

قد يُمحى كُلّ ما يُكتب أو يُصاغ!
ويضيع كُل ما يُصوّر أو يوثّق!
أنا هُنا لأني أؤمن أن المواقف والقصص هي من تصنعُ الطريق!
هي من تصنعُنا، لا نحن نَختلقها، تُحفر في القلب، وتستقر في العقل، دون ضياعٍ أو نسيان.
وفي النهاية، حيثُ لا نهاية هُنا، ثُمّ إننا
“نتكاملُ للبذلِ سويًا ولنا بالبذلِ إحسان”

التصنيفات
غير مصنف

عوالمُ التطوّع

-غيداء الدخيّل

نائب قائد لجنة المحتوى

عن احتواء، عن التطوع الحقيقي.. عني أنا غيداء اليوم التي ما عادت تشابه غيداء الأمس في شيء!
عن شعوري بأن احتواء الأحقّ -والله أحق- من كل الناس بكتابتي، وبأنه -والله شاهدٌ على ما أقوله- أعظم وأكبر من كل الكتابة، وإن كتبت حتى مطلع فجر العيد، لن أستطيع إيصال شعوري الصادق هذا!
استشعاري بشكلٍ حقيقيّ أن الله اختارني لهذا المكان، وأنه مكاني، وأني جزءٌ لا أتمنى يومًا أن يتجزأ من احتواء..
أشعر أنني أشابه احتواء بشكلٍ غريب، وما أقصده أني في احتواء شخص آخر.. شخصٌ طالما أحببت أن أكون عليه، أن أكون شفافًا وصادقًا، وعلى سجيّتي وكما أنا.
أشعر اليوم أن احتواء صار مني، وأنا منه.. أشعر كشعور الحبيبِ لحبيبه، ذاك الذي من فرط شعورك بالحبّ تجاهه تصبح تشابهه بكل شيء!
واحتواء حبيبي.. حبيبي وصغيري الذي أشعر أنّه يكبرُ بين عينيّ، وفي عينيّ وأعين كل الناس.
التطوع يعلّمك ويغيّرك، وأنا أمضيتُ ست سنواتٍ أتطوع -وربما أكثر- ولم أتغير بشكلٍ حقيقيّ كما غيرني احتواء! هذا التطوع الحقيقيّ الذي يغيّر نظرتك للحياة، وللأشخاص، وللأشياء، ولكل شيء. فلا يمكن أن تنظر للحياة بنفس النظرة بعد أن تعرف التطوع، ولا يمكن لحياتك أن تبقى هي حياتك؛ لأنك أخيرًا ستحيا حياةً حقيقية بعد كثيرٍ من الحيوات التي عشت فيها دون أن تكون حيًا!
ستعرف أيضًا معانٍ أخرى لكل الأشياء.. ستعرف معنى الوقت، معنى الرضا، معنى النَعمِ التي أنعمَ الله بها عليك، ستعرف معنى وقيمة كلِّ شيء، وكل الأشياء ستكون ذات قيمةٍ بعد ذلك، وستستشعرُ أنك كنت طوال حياتك: أعمى!
ستتعب، ستُجهد، وقد تفعلُ أشياء لم تفعلها طوال حياتك لأجل التطوعِ هذا.. قد يُشفقُ عليك ويسخر منك العالم أجمع لأنك متطوع بلا أي مقابلٍ ماديّ، وقد تواجهُ أي شيء.. لكن حين تلامس شعورًا خفيًا في داخلك قد لا يراهُ أحدٌ غيرُك بأنك أنت الفائز وهم الخاسرون ستشفقُ عليهم أنت!
لا تسمع لنفسك حين تنهاك عن التطوع بأعذارٍ واهيةٍ وغير حقيقيةٍ كأن تقول لنفسك أنك مشغول، ولا تسمح لها أبدًا أن تضيّع أي لحظةٍ كانت عليك؛ لأنك أنت من تحتاج التطوع هذا؛ فإن أحسنتَ أحسنتَ لنفسك، لا للمحتاجِ كما يظنّ العالم!
ولا أبالغ في هذا، فحين تتطوع ستشعر بشعورٍ أخيرًا أستطيع أن أصرّح به: ستشعر وأنت في هذا المكان بين الكثير من الناس أن الله اختارك أنت، وأنه ليس مجرد مكانٍ عادي، إنه لشيء عظيم هذا التسخير ليكون أنت هذا الشخص لا أحدٌ آخر، أن سخّرك بفضله، ومنّه عليك بما يحبه ويرضاه..
ثم لا تجعلنا اللهمَّ من الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ولا تجعلنا نظن أننا مستقيمون دون أن نلحظ ميلاننا يا ربّ، وسخّرنا للخير وسخّر لنا أهله.

  • كسوة فرح.
  • 17/6/2017
التصنيفات
غير مصنف

للتّطوّع مرفأ..

-أريج المصطفى                                                                                              قائد لجنة المحتوى

لمّا بدأ احتواء عطاءه، وصارت الأيادي تتكاتف نحوه، كان بوّابةَ تسخيرٍ لأرواحِ شباب طالما آمنوا بالعطاء والبذل، وبأنّ السعادة الحقيقيّة تكمن في قلبٍ يسعدُ بما يستحقّه من بذل وخير. يكبرُ احتواء عامًا بعد عام في قلبِ كل شابّة وشابٍّ قد عملوا معه وبه ولأجله، قاصدين غايةً واحدةً باختلاف السُّبُل والطّرُق المتفرّعة.
يكبُر احتواءُ أكثر فيحتوي كلّ نفسٍ تبذل فيه وتعطي ليمتدّ هذا الاحتواء إلى أهلنا الذين يمدّوننا دومًا بالأمن والطمأنينة، حينما نتعاون بنيانًا مرصوصًا لنُسقى ونسقي، لنأخذ ابتسامةً ونعطي كسوةً، لنأخذ قبَس نورٍ ونُعطي إلهامًا، لينبت في قلبنا بستانُ عطاءٍ قد حرَثَه احتواؤنا.
ــــــــ
ومنذ اللحظة الأولى، لحظة العطاءِ الأوّل من الفردِ الأول، قبل أن نصبحَ مئاتٍ تتكاتف لتعمل، كانت التّفاصيل الصغيرة بالجوار تبني احتواءً قد بلغ أُفُقَهُ اليوم.
بينَ استشعار نعمة التّسخير حينَ يقول صلى الله عليه وسلم (والله في عونِ العبد ما كان العبدُ في عونِ أخيه)، والسّعي أملًا في أن يكونَ لنا جوابٌ شافعٌ يوم نقف بين يدي الله تعالى يسألنا عن شبابنا فيما أفنيْناه، وبين إحسانٍ في عطاء أُناسٍ لم نعرفهم يومًا لكنّ إخلاصهم كان مكتوبًا عندَ الخبير العليم، والكثير من القصص والعِبَر والتّفاصيل التي بنَت احتواء بمتطوّعاته ومتطوّعيه، مشكّلين بأبسط تفاصيلهم لوحةً فسيفسائيّة لاحتواء.
ولأنّ بجعبةِ كلِّ منّا قصصًا عن احتواء تُروى، ودعائمَ نذكّر فيها بعضنا كلّما وهَنّا أو تعِبنا، ولأنّ لاحتواء علينا فضلًا وحبًّا؛ سنكتب.
من احتواء، له، لمتطوّعاته ومتطوّعيه، لكلّ من أنعَمَ الله عليه بفضله واجتباه لفعل الخير، هذه المدوّنة لنا جميعًا.. لابتسامةِ الظّفَر يوم تبلغُ إحصائيّاتُ حملاتنا قممًا جديدة، لتنهيدة التّعَبِ بعد يومٍ حافلٍ بالعمل، للصّورةِ التي تُعيد المتطوّعةُ التقاطها حتى تعبّر عن احتواء كما يليق، للنّشوة حين تصل المتطوّعات إلى فكرةٍ تسويقيّةٍ جديدة، للكاتبات حين تبلغُ خطةُ حسابات الحملة تمامها، لكلّ روحٍ تعملُ في احتواء، تبتغي وجه المولى تعالى في عملها، لكلّ باذلةٍ وباذلٍ لم تكن أسماؤهم في العَلَن تحكي دروبهم، نكتب هذه المدوّنة بكلّ شعور يهَبَنا إيّاه احتواء، لنا ولكم.